روابط المواقع القديمة للحزب
عن الصراع الأيديولوجي السياسي في اللقاء الأممي اﻠ22 للأحزاب الشيوعية و العمالية و "الخدعة" حول "نزعة معاداة روسيا" و "نزعة موالاة روسيا"
يتواصل الجدل حول نتائج اللقاء الأممي للأحزاب الشيوعية و العمالية الذي أقيم في هافانا.
حيث كانت بعض القوى و حتى صحف برجوازية، قد سَعَت إلى تفسير نتائج اللقاء الأممي للأحزاب الشيوعية من منظورها الخاص. وهكذا تحدثت صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" الروسية عن "انقسام في الحركة اليسارية الأممية" في هافانا، بسبب "العملية العسكرية الخاصة" الروسية وفقاً للتسمية التي تعتمدها وسائل الإعلام الروسية للحرب الدائرة في أوكرانيا. إن أول ما يمكن أن يلاحظه المرء هو التسرع الواضح لهذه الصحيفة بالذات لاستبدال حتى عنوان "اللقاء الأممي للأحزاب الشيوعية والعمالية" (ل.أ.أ.ش.ع)، بعنوان عديم اللون و منزوع العصب أي "حركة يسارية أممية".
و في الواقع و على الرغم من ذلك، فإن الجريدة البرجوازية الروسية "اكتشفت ما هو معروفٌ سلفاً"، في وقتٍ كان الحزب الشيوعي اليوناني قد سجَّل و عدة مرات واقع المواجهة الأيديولوجية – السياسية المحتدمة ضمن الحركة الشيوعية الأممية حول العديد من المسائل الهامة.
لقد تحدثنا عن الأزمة الأيديولوجية السياسية المتواجدة في صفوف الحركة الشيوعية الأممية، وكذلك عن الحاجة إلى إعادة تنظيمها الثوري.
و كما أبرز الحزب الشيوعي اليوناني مرات عديدة، فإن هذا الصراع هو ذو أبعاد عديدة، منها على سبيل المثال:
- بين تلك الأحزاب التي تدعم انفلاش الأحزاب الشيوعية ضمن "تحالفات يسارية تقدمية أوسع"، و بين تلك التي تكافح من أجل الحفاظ على الاستقلالية الأيديولوجية - السياسية للأحزاب الشيوعية و تعزيز روابطها مع الطبقة العاملة والشرائح الشعبية.
- بين تلك التي ما زالت عالقة في الاستراتيجية القديمة ﻠ"المراحل نحو الاشتراكية" و تدعم المشاركة في حكومات برجوازية "يسارية" و "مناهضة للنيوليبرالية" و "تقدمية" و حكومات "يسار الوسط" فوق أرضية الرأسمالية، وتلك الأحزاب التي رفضت المشاركة في الحكومات البرجوازية ومنطق المراحل و هي التي تناضل من أجل إسقاط الهمجية الرأسمالية.
- بين تلك التي تُطابق الإمبريالية حصراً بالولايات المتحدة أو بِبعض الدول الرأسمالية العاتية في أوروبا، أو بالسياسة الخارجية العدوانية، و بين تلك الأحزاب المستندة إلى الرؤية اللينينية، التي مفادها أن الإمبريالية هي الرأسمالية الاحتكارية و المرحلة الأعلى والأخيرة للنظام الاستغلالي.
- بين تلك التي تُقدِّر أن الصراع من أجل السلام هو مرتبط ارتباطًا وثيقًا بـ "عالم متعدد الأقطاب" يُزعَم أنه "سيُروِّض" الولايات المتحدة الأمريكية، و يَزرع أوهاماً حول ما يُفترض أنه "هندسة دولية سلمية"، هي أوهام تغذيها الاشتراكية الديموقراطية والانتهازيون، و بين تلك الأحزاب التي تعتقد باستحالة "دمقرطة" العالم الرأسمالي و تخليصه من الحروب بمعزل عن عدد "أقطابه"، و أن من الضروري تعزيز الصراع من أجل إسقاط الرأسمالية، من أجل المجتمع الاشتراكي الجديد.
- بين تلك الأحزاب التي ترى أن الصين هي بلد "يبني الاشتراكية ذات الخصائص الصينية"، و تلك الأحزاب التي تعتبر أن للاشتراكية مبادئ وأن هذه المبادئ قد انتُهكت في الصين و أن علاقات الإنتاج الرأسمالية قد سيطرت هناك الآن، و أن الصين هي أحد بلدان العالم الرأسمالي المعاصر، حتى أنها تزاحم الولايات المتحدة و تهدد صدارة اﻷخيرة في النظام الإمبريالي.
كما و لكان بإمكاننا أيضاً أن نذكر مسائل خطيرة أخرى، يدور حولها صراع أيديولوجي محتدم ضمن اللقاءات اﻷممية للأحزاب الشيوعية و العمالية، والتي أضيفت إليها بوضوح - بعد الغزو الروسي غير المقبول لأوكرانيا- مسألة الحرب الإمبريالية في أوكرانيا.
يثبت هنا أن "الكنز الدفين" الذي اكتشفته صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" بكلامها الآن عن"انقسام في الحركة اليسارية الأممية" هو عبارة عن "فحم". تجدر اﻹشارة هنا، فيما يتعلق بموقف الأحزاب التي توصِّف نفسها بأنها "يسارية"، فقط أن حزب سيريزا "اليساري" صوت في البرلمان الأوروبي جنباً إلى جنب مع حزب الجمهورية الجديدة اليميني وحزب الباسوك الاشتراكي الديمقراطي في صالح إنشاء "آلية مساعدة عسكرية في أوكرانيا" كما كان قد أيد سابقاً توسيع قواعد الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي في اليونان، أو انضمام بلدان جديدة إلى الناتو، وهي المسائل التي ناهضها الحزب الشيوعي اليوناني.
ماذا الذي حصل في هافانا؟
يُسعى ضمن اللقاءات اﻷممية للأحزاب الشيوعية نحو إيجاد تموضعات مشتركة، يتم الإعراب عنها من خلال إقرار "وثيقة ختامية"، حينما يكون ذلك ممكناً.
و بالتأكيد، لا يعدو هذا النص عن كونه نتيجة سِجالٍ وتجميعٍ للآراء، لكن أي شخص يقرأ الوثيقة المحددة[1] للقاء اﻷممي اﻠ22 للأحزاب الشيوعية و العمالية، سيلاحظ غياب تحليلات إشكالية حول "المراحل" و حول دعم "الحكومات اليسارية والتقدمية" و حول "النضال ضد النيوليبرالية "باعتبارها غطاءاً للصراع ضد الرأسمالية و حول " العالم متعدد الأقطاب "وما شاكلها، لكنه سيرى بدلاً من ذلك، خط الصراع المشترك للأحزاب الشيوعية ضد الرأسمالية و من أجل دعم نضالات العمال والشعوب، وكذلك خط دعم طريق بناء المجتمع الاشتراكي الجديد.
و في الوقت نفسه، تُمنح اﻹمكانية للأحزاب ضمن اللقاءات اﻷممية، لتتموضع بمداخلاتها و لدعم أو إيداع قرارات منفصلة حول مختلف المسائل.
و على هذا النحو، وعلى الرغم من المقاربات المختلفة المتمظهرة في كلمات الأحزاب خلال اللقاء الأممي اﻠ22 للأحزاب الشيوعية و العمالية بشأن مسألة الحرب في أوكرانيا، فإن "الوثيقة الختامية" للقاء تحتوي على إشارة محددة إلى الوضع في أوكرانيا، والتي يتجنب التطرق إليها قسم العلاقات الأممية للجنة المركزية للحزب الشيوعي لروسيا اﻹتحادية، حين قيامه بالرد على صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا". لذلك دعونا نتذكرها:
«3. نتيجة لتصاعد عدوانية الإمبريالية وإعادة الهيكلة الجيوسياسية المستمرة، فإننا نواجه سباق تسلح جديد، وتعزيز وتوسيع حلف شمال الأطلسي، وظهور تحالفات عسكرية جديدة، وتفاقم التوترات والصراعات العسكرية، كما هو الحال في أوكرانيا، و عودة ظهور الفاشية في مناطق مختلفة من العالم، و "الحرب الباردة" ، والتهديد بحدوث محرقة نووية، إلخ. و غيرها التي يجب أن نرفضها».
و بالإضافة إلى هذا التموضع المشترك، تم أيضاً تقديم قرارين: أحدهما كان من جانب حزب العمال الشيوعي الروسي والحزب الشيوعي للاتحاد الروسي والحزب الشيوعي الأوكراني، و هو الذي برَّر ودعم الغزو الروسي مع إعادة إنتاج الذرائع "المناهضة للفاشية" التي تستخدمها الطبقة البرجوازية الروسية من أجل إخفاء مساعيها. و تم تقديم القرار الآخر من قبل اتحاد الشيوعيين اﻷوكران (و ليس من قبل الحزب الشيوعي اليوناني، وفق زعم دمتري نوفيكوف نائب رئيس اللجنة المركزية للحزب الشيوعي لروسيا الاتحادية في مقال"نيزافيسيمايا غازيتا"). حيث تمظهرت في هذا القرار -الذي يكشف عن الطبيعة الإمبريالية للحرب- إدانة كل من حكومة أوكرانيا الرجعية وأهداف الطبقة البرجوازية الروسية، و هو القرار الذي أيَّده الحزب الشيوعي اليوناني.
عن الهجمة ضد الحزب الشيوعي اليوناني
يتناغم قسم العلاقات الأممية للجنة المركزية للحزب الشيوعي لروسيا اﻹتحادية مع مُحرِّر مقال "نيزافيسيمايا غازيتا" ضمن محاولته التقليل من أهمية هذا القرار المحدَّد - الذي يسلط الضوء على الطابع الإمبريالي للحرب- ويلجأ مع المُحرِّر إلى زَعم "مُلائم" يدَّعي أن ما من الأحزاب التي وقعت عليه تقريباً "تمتلك نفوذاً في دُولِها". و قبل ذلك ببضعة أيام و ضمن السياق نفسه، كان نائب رئيس اللجنة المركزية للحزب المذكور، يوري أفرونين قد أشارَ باستخفافٍ إلى الحزب الشيوعي اليوناني في مقابلة مع إذاعة "أورورا" بقولِهِ أن الحزب الشيوعي اليوناني يملك بالكاد 10 نواب و أنه يستحصل في الانتخابات على نسبة تتراوح بين 5 و 6% متسائلاً: «ما هو نفوذه في المُجتمع» و مضيفاً: «لقد خسر هذا الحزب فُرصاً عديدة لتوحيد القوى اليسارية و التقدمية في اليونان».
يبدو مما سَبق أن الحزب الشيوعي لروسيا اﻹتحادية يقيس "نفوذ" اﻷحزاب الشيوعية الأخرى بمعايير برلمانياتية بحتة، كمعيار عدد النواب أو النسبة المئوية المحققة في الانتخابات، في حين أن من المعروف أيضاً أن تحقيق النسبة الانتخابية لحزب ثوري يناضل من أجل إسقاط الرأسمالية يكون بالجهد الدؤوب في ظروف ديكتاتورية رأس المال. يمكننا القول أيضاً أن المسار التاريخي والتطورات الأخيرة كانت يجب أن تُعلِّم درساً مفادهُ أن الأحزاب الشيوعية التي لا تملك جذوراً في الطبقة العاملة و في الحركة العمالية النقابية و في نضالات الطبقة العاملة لبلادها، و التي ينحصر عملها ضمن جدران البرلمان، هي أحزاب يمكن أن تختفي بين عشية وضحاها، بمعزل عن واقعة نسبتها الانتخابية المرتفعة أو العدد الكبير لنوابها.
و في الحاصل، كان من الواجب على نائب رئيسِ حزبٍ، لم يُظهر خلال 29 عاماً من وجوده أيَّ إسهام كبير في تطوير الحركة النقابية في روسيا، و في وقت يُسجن فيه النقابيون بسبب نشاطهم النقابي، كمثال رئيس نقابة عمال البريد السريع في موسكو، كيريل أوكرايندشيف، أن يَحُدَّ من غطرسته و أن يدرس التاريخ و النشاط الثري للحزب الشيوعي اليوناني، الذي يتصدَّر نضالات الطبقة العاملة والمزارعين والمهنيين و الشباب، أمرٌّ كانت قد اعترفت به خلال الفترة السابقة كوادرٌ للحزب الشيوعي لروسيا اﻹتحادية.
و حقيقةً، كيف يقيس الحزب الشيوعي لروسيا اﻹتحادية نفوذهُ، و هو الذي على الرغم من امتلاكه عشرات النواب، فقد نَسي الصراع الطبقي أو لم يتمكَّن بعد من التفوُّه بكلمة واحدة انتقادية تجاه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي هاجم مراراً و تكراراً قائد ثورة أكتوبر، فلاديمير إيليتش لينين والبلاشفة؟ و كيف يُعقل أنه لم يلاحظ أن غالبية خطابات بوتين الهامة تُزَيَّنُ بمقتطفات من كتب الفيلسوف الروسي ومؤسس الفاشية الروسية إيفان إيلين؟
عن الاحتيال الزاعم ﺒ"نزعة معاداة روسيا"
يجري تشويه الواقع بنحو أكثر تعسفيَّة على وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة التي تدعم الحزب الشيوعي لروسيا اﻹتحادية. و يُزعم بهذا النحو، أنه تم تقديم قرارين في اللقاء اﻷممي اﻠ22 للأحزاب الشيوعية و العمالية، أحدهما "مؤيدٌ لروسيا" قدمه الحزبان الروسيان و آخر "معادٍ لروسيا" دَعمه الحزب الشيوعي اليوناني.
و على الرغم من ذلك، من أين يُستنتج كون أحد القرارين "مؤيداً لروسيا" والآخر "معاديا لروسيا"؟
إن المعيار الوحيد لهذا الفرز هو ما إذا كان كل قرار يدعم أم لا، ذرائع و خيارات الطبقة البرجوازية الروسية المُستخدمة في الحرب الإمبريالية من أجل الدفاع عن مصالحها الخاصة.
و على الرغم من ذلك، أَمِنَ المُستطاع توصيف قرار بأنه "مؤيد لروسيا" و هو ذاك الذي يرتضي وجوب جعل أبناء الشعب الروسي "كفتة" ضمن "ماكينة لحم" الحرب الإمبريالية من أجل خدمة مصالح الاحتكارات الروسية بنحو أفضل، و هي الاحتكارات التي تتصادم مع نظيرتها الأوروأطلسية على أراضي أوكرانيا، حول كيفية اقتسام المواد الأولية والأراضي الخصبة والثروة الباطنية والبنية التحتية الصناعية والقوى العاملة وحصص الأسواق؟
و على الرغم من أن الحديث عن قرارٍ "مؤيد لروسيا" و "معادٍ لروسيا" هو خدعة مضللة، فمن المنطقي اقتدارُ المرء أن يوصِّف "مؤيداً لروسيا" وفق المصطلحات التي يعتمدها الحزب الشيوعي لروسيا اﻹتحادية، بالضبط ذاك القرار الذي يكشف عن المصالح المستقلة لطبقة روسيا العاملة و شرائحها الشعبية لروسيا ويدعم هذه المصالح في مواجهة مصالح طبقة البلاد البرجوازية وتحالفاتها والحرب الإمبريالية.
أَِمنَ المُمكن توصيف قرار ما "معاديا لروسيا" لكونه يتصادم مع مصالح الطبقة البرجوازية الروسية؟
إن مثل هذا المنطق يمضي بعيداً في ركاكتِه! دعونا نفكر فيما يلي: يقوم الحزب الشيوعي اليوناني ضمن تموضعاته و أيضاً ضمن اللقاءات اﻷممية للأحزاب الشيوعية و العمالية بالتموضع و في المقام اﻷول، ضد خطط وموقف الحكومات البرجوازية اليونانية، ضد حكومة حزب الجمهورية الجديدة اليوم و حكومات حزبي سيريزا و الباسوك باﻷمس، و هي الحكومات التي حَبَست البلاد في منظمتي الناتو و الاتحاد الأوروبي اﻹمبرياليتين و مخططاتهما، من أجل خدمة مصالح مالكي السفن، والمصرفيين، والصناعيين، والقطاعات الأخرى من الطبقة البرجوازية. أَيُمكن لأحدٍ ما - باستثناء القوميين- أن يتَّهم الحزب الشيوعي اليوناني بتبني "موقفٍ معادٍ لليونان" لأن الحزب يختلف مع خيارات الأحزاب والحكومات البرجوازية اليونانية و يُدينها؟
- و ذلك عندما يتحرَّك الحزب الشيوعي اليوناني ضد القواعد الأمريكية، و ضد الاتفاقية الاستراتيجية المُبرمة مع الولايات المتحدة، و عندما لا يتحرَّك ضد الشعب الأمريكي والطبقة العاملة في الولايات المتحدة، التي يكرم الشيوعيون اليونانيون نضالاتها التي أسهموا بها من خلال المهاجرين اليونانيين الذين تواجدوا في تلك البلاد.
- عندما يتحرك الحزب الشيوعي اليوناني ضد شراء الأسلحة الفرنسية، وضد الاتفاقية الإستراتيجية المُبرمة بين اليونان وفرنسا، فهو يتحرَّك لأنه يعتقد أن ذلك يُورِّط البلاد في تدخلات وحروب إمبريالية جديدة، على سبيل المثال في منطقة الساحل، لا لأنه مُفعمٌ بمشاعر "معادية للفرنسيين". بل على النقيض من ذلك، فإن الحزب الشيوعي اليوناني يُكرِّم اﻹسهام التاريخي لنضالات الطبقة العاملة في فرنسا، اعتباراً من كومونة باريس حتى يومنا هذا.
- عندما يتحرك الحزب الشيوعي اليوناني إلى جانب عمال ميناء بيرياس المناضلين، الذي يسيطر عليه الاحتكار الصيني COSCO، فهو غير مُفعمٍ بأية مشاعر "معادية للصين"، بل لأنه يعتمد "بوصلة" ضرورة دعم نضال العمال من أجل ظروف عمل آمنة، و من أجل أجور مرضية واتفاقيات جماعية و ما شاكلها.
يقف الحزب الشيوعي اليوناني انطلاقا من مواقف مبادئ الأممية البروليتارية إلى جانب الشعوب و الطبقة العاملة في جميع البلدان، ضد مصالح ومخططات الطبقات البرجوازية و الاتحادات الإمبريالية. و يصطفُّ الحزب الشيوعي اليوناني في صالح التعاون متبادل المنفعة بين جميع البلدان والشعوب ويناهض كل مظهر من مظاهر العنصرية وكافة تمظهرات رُهاب الأجانب.
إن الكذبة لا تعيش لتشيخ
هناك مقولة معروفة مفادها أن "الناس لا يكذبون أبداً بقدر ما يكذبون بعد الصَّيد وأثناء الحرب وقبل الانتخابات" وفي حالتنا على الأقل ينطبق الشرطان الأخيران، ويحاول البعض في بلدنا إلصاق "وصمةٍ" تزعم أن الحزب الشيوعي اليوناني، بموقفه المبدئي ضد الحرب الإمبريالية يُعربُ عن "نزعة عداء لروسيا". و مع ذلك، فإن "حبل الكذب قصير" و ذلك لأن الحزب الشيوعي اليوناني:
- قاوم طوال هذه السنوات و أبرز وشجب مخاطر توسُّع الناتو نحو حدود روسيا عبر ضم بلدان جديدة. وأدان حكومة سيريزا السابقة، التي أتت باتفاق مع مقدونيا الشمالية فقط بغرض ضَمهِّا إلى حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي. كما أدان الحزب الشيوعي اليوناني حكومة حزب الجمهورية الجديدة، التي أحضرت للبرلمان قرار انضمام السويد وفنلندا إلى الناتو، و أدان كذلك، باقي الأحزاب اليونانية المؤيدة للتوجه الأورأطلسي التي صوتت في صالح القرار المذكور باسم "حق تقرير المصير" لهذه البلدان.
- شجب طوال هذه السنوات وعارض تطويق الاتحاد الروسي بقواعد وقوى عسكرية جديدة للولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، بما في ذلك في بلدنا. و سجَّل بنحو موصوف أن هذا التطور شكَّل "مُراكمةً لموادٍ القابلة للاشتعال" قبل الحرب.
- عارض قيام القوات الجوية اليونانية بدوريات في المجال الجوي لدول البلقان، وهو إجراء له طابع واضح ضد ما يسمى "التهديد الروسي".
- استنكر طوال هذه السنوات وصوَّت في البرلمان اليوناني و الأوروبي ضد الحرب التجارية وعقوبات الاتحاد الأوروبي ضد الاتحاد الروسي، وأظهر أن الشرائح الشعبية تتأثر في المقام الأول من هذه العقوبات، كمثال مزارعي بلادنا.
- و أبرز أن ما يسمى بـ "انهاء اعتماد" الاتحاد الأوروبي على الغاز الطبيعي الروسي "مُفصَّل على مقاس" كِلا اعتماد الاتحاد الأوروبي على الغاز الطبيعي المسال الأمريكي الباهظ، وكذلك الترويج للضرائب "الخضراء" المنبثقة عما يسمى"الانتقال الأخضر ".
- مع بداية الحرب الإمبريالية عارض الحزب وأدان قرار الاتحاد الأوروبي والحكومة اليونانية، بحظر عمل وسائل الإعلام الروسية المتواجدة في بلادنا.
- مع بداية الحرب الإمبريالية عارض الحزب الشيوعي اليوناني وأدان قرار الاتحاد الأوروبي والحكومة اليونانية، منع الفعاليات المشتركة مع المنظمات الثقافية الروسية.
و بالتأكيد، فإن تلك الأحزاب كالحزب الشيوعي لروسيا الإتحادية، التي تتأثر بالرؤى القومية وتدعم بنحو كامل بِدَعَ الطبقات البرجوازية، كتلك المسماة بـ "العالم الروسي"، لا يمكنها إلا أن ترى "نزعة عداء لروسيا" في رفض الذرائع التي تستخدمها طبقة روسيا البرجوازية كما و في تموضع الإدانة الواضحة لكل من الإمبريالية الأوروأطلسية والطبقة البرجوازية الروسية.
إننا نجيب بطرح نَصِّ الفقرة الأخيرة من قرار اتحاد شيوعيي أوكرانيا، الذي أيده الحزب الشيوعي اليوناني: «إنه لأمر مخزٍ وإجرامي لشيوعيي جميع أنحاء العالم أن يصبحوا أذيال حكومات البلدان البرجوازية وأن يعملوا من أجل مصالح طبقتهم البرجوازية الوطنية من أجل دعم كتلة البلدان البرجوازية هذه أم سواها. إن واجبنا الذي لا يتغير هو مساعدة العمال في جميع أنحاء العالم أن يُدركوا أن الحروب الإمبريالية لا تقود إلى انعتاق العمل، بل على العكس فهي تستعبده بنحو أكثر. و ذلك لأن ما من حلفاء للعمال في الدوائر الحاكمة أثناء الصدام الإمبريالي، بل أعداءٌ فقط. و لأن أصدقائهم ليسوا سوى البروليتاريين أنفسهم أياً كانت جنسيتهم.
إن واجب الشيوعيين هو إنهاء الرأسمالية بحدِّ ذاتها، و على حدِّ السواء على الصعيدين الوطني والدولي: إن إنهاء الرأسمالية يعني نهاية الحروب. يا شيوعيي العالم، اتحدوا مع بروليتاريي بلدانكم من أجل هذه القضية النبيلة !».
إليسيوس فاغيناس
عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي اليوناني، و مسؤول قسم علاقاتها الأممية
نُشر في عدد صحيفة "ريزوسباستيس" الناطقة باسم اللجنة المركزية للحزب الشيوعي اليوناني بتاريخ 26-27\11\2022