روابط المواقع القديمة للحزب

إن الصفحات الأممية للحزب الشيوعي اليوناني تنتقل تدريجياً إلى صيغة موقع جديد. بإمكانكم الوصول إلى النسخات السابقة للصفحات المحدثة سلفاً  و محتواها عبر الروابط التاليةَ:

 

ذيميتريس كوتسوباس

باستطاعة الشعوب بصراعها أن تنهي مسببات إراقة الدماء الحربية

 

عِبر إقامة أنشطة سياسية وثقافية غنية تستمر في جميع أنحاء اليونان فعاليات مهرجان الشبيبة الشيوعية اليونانية اﻠ48. هذا و تحدَّث يوم السبت 17\9\2022 الأمين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي اليوناني، ذيميتريس كوتسوباس في التظاهرات ذات الصلة المقامة في مدينة ثِسالونيكي. حيث أبرز في كلمته تطابق استراتيجية الأحزاب التي تدعم التوجه الأوروأطلسي، وخيارات رأس المال، وأشار بالتفصيل إلى صراع الحزب الشيوعي اليوناني واقتراحه السياسي. كما و أشار في جزء كبير من خطابه إلى التطورات الدولية وتقييمات الحزب الشيوعي اليوناني لها.

أدناه نعرض مقتطفاً مطولاً من خطابه:

«تعلمون أن حزبنا، كان قد طور نشاطاً هاماً خاصة في الأشهر الستة الماضية ضد الحرب الإمبريالية، ضد نقل القوات عبر اليونان و إرسال أنظمة الأسلحة إلى جبهات الحرب، و تحويل البلاد إلى قاعدة انقضاضية للحرب.

هو نشاط مستوحى من مثيله الذي طوَّرناه قبل 23 عاماً هنا في ثِسالونيكي، ضد قصف الناتو ليوغوسلافيا.

 نشاطٌ "يؤلم" النظام وممثليه، ولهذا السبب يجرُّ النظام مناضلين أعضاء في الحزب الشيوعي اليوناني والشبيبة الشيوعية مكبلين باﻷصفاد إلى المحاكم.

و كما كان الحال آنذاك، يرفض حزبنا اليوم الذرائع ويسلط الضوء على الأسباب الحقيقية للحرب في أوكرانيا.

إن هذه الحرب لا تُخاض من أجل "الديمقراطية" ولا من أجل "الحرية"، كما تدعي بهتاناً الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي وقوى الاتحاد الأوروبي. و لا تُخاض هذه الحرب من أجل شعب دونباس الذي طالت معاناته و من أجل "الكفاح ضد الفاشية"، كما تزعم قيادة روسيا الرأسمالية اليوم.

حيث تتخفى خلف الادعاءات الزائفة ﻠ"الديموقراطية" أو "مناهضة الفاشية" مصالح حكم الأثرياء و احتكاراتهم العاتية، من أجل السيطرة على المواد الأولية و الطاقة و طرق نقل البضائع و حصص الأسواق.

إن هذه الحرب التي بعثرت موت الآلاف وشردت الملايين، هي حرب ظالمة، حرب "لصوص" تفترس لحم البشر من أجل أرباح هذا الرأسمالي أم غيره.

إننا لا ننسى أن إسقاط الاشتراكية وتفكيك الاتحاد السوفييتي عام 1991، شكّلا "ركلة البداية" لتراكم العوامل التي أدت اليوم إلى سفك دماء الشعوب.

ما دام كل بناه الشعب السوفييتي بالكدِّ والتضحيات على مدى 70 عاماً، كما و قوُّة العمل نفسها، أصبح بجملته موضوع بيع و شراء، و خُلق الإطارُ و الأساس لتطوُّر و تفاقم المزاحمات بين الدول الرأسمالية و تحالفاتها الإمبريالية.

و "بسط" الناتو و الاتحاد اﻷوروبي "أذرعهما الاخطبوطية" في أراضٍ كان الرأسمال الروسي يعتبرها" حديقته الخلفية".

و لأسباب عديدة شكَّلت أوكرانيا نقطة صراع حاد، حيث كانت وما زالت ثمينة القيمة في خطط التوحيد الرأسمالي لكل طرف متورط في الصراع.

و على هذا النحو، يقتتل الشعبان: الروسي والأوكراني، و هما الذين كانا قد أنجزا المعجزات معاً خلال سنوات الاشتراكية.

و من غير الممكن أن تترك الحرب الدائرة في أوكرانيا، القريبة جداً من بلدنا ولا سيما من مدينة ثِسالونيكي، أياً منا غير مبالٍ.

لأن لهذه الحرب إضافة إلى ذلك أيضاً، خصوصية مهمة، مقارنة بالحروب الأخرى والتدخلات الإمبريالية، التي عشناها في السنوات الثلاثين الماضية، في يوغوسلافيا و أفغانستان و ليبيا و سوريا و في بلدان أفريقيا وآسيا.

إن هذه الحرب جارية على أرض بلد ذي منشئات و محطات نووية، حيث ما من حاجة حتى لاستخدام الأسلحة النووية لوقوع كارثة كبيرة اﻷبعاد.

حتى أن هذه الحرب تشير إلى قيام مواجهة أكثر شمولاً بين الولايات المتحدة وحلفائها الأوروأطلسيين من ناحية، والصين والكتلة الأوروآسيوية المتشكِّلة، من ناحية أخرى.

إننا نتحدث عن صدام قوى العالم الإمبريالي المعاصر، عن مواجهة جارية من أجل حيازة صدارة النظام الرأسمالي العالمي.

و حتى الآن، تظهرُ أوكرانيا كـ "وسادة هوائية" للولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، في حين تبدو روسيا "وسادة هوائية" للصين.

و تدفع شعوب هذه البلدان بدمائها سلفاً ثمن هذه المواجهة الرأسمالية، لكنها ليست وحدها.

و تتواجد شعوب أوروبا ضمن سواها في عداد ضحايا العواقب الاقتصادية لهذا الصدام العملاق.

لقد كان الوضع سيئاً سلفاً فيما يتعلق بـ "التنمية الخضراء" الجارية من أجل مصالح الاحتكارات "الخضراء" لا من أجل الحفاظ على البيئة، و أضيفت له أيضاً عواقب حرب الطاقة، لتتفجر مستويات الغلاء والتضخم وفواتير الكهرباء والغاز الطبيعي التي ستُدعى الشرائح الشعبية لسدادها.

و ضمن هذا الصدام "لا يطلق الاتحاد الأوروبي النار على أرجله" كما يزعم البعض، لأنه يصطف مع الولايات المتحدة في العقوبات المفروضة على روسيا.

إن الاتحاد الأوروبي يلعب دوراً  نشطاً في الحرب في أوكرانيا منذ اللحظة اﻷولى.

و كان قد أسهم في الانقلاب غير الدستوري الذي وقع عام 2014 في أوكرانيا، حتى أنه دعم قوى فاشية "لإنجاز عمله".

و يتورط الاتحاد الأوروبي كاتحاد للمصالح المناهضة للشعب، بنشاط في الحرب، لأنه يعتقد أنه يستطيع بهذا اﻷسلوب خدمة مصالح تغلغل احتكاراته بنحو أفضل في أراضي أوراسيا، وزيادة ربحيتها لتكون قادرة على منافسة الصين وكذلك القوى "الحليفة له".

إن الحرب تمنح اﻹمكانية للحكومات المناهضة للشعب في الاتحاد الأوروبي، اليمينية منها و "اليسارية"، لتعزيز ما يسمى "الانتقال الأخضر"، كما و لعسكرة الاتحاد و أجهزته على حساب الحركة العمالية والشعبية.

إن هذا و بالتأكيد، لا يعني أن القيادات الأوروبية لن تضطر للمناورة في الفترة المقبلة، تحت ضغط الطاقة الذي يمارس على اقتصاداتها، وكذلك في ظل صراع العمال الذي سيشتد لا محالة.

و تتحمل حكومة حزب الجمهورية الجديدة و سيريزا و حركة التغيير\الباسوك، و كل القوى التي تدعم الناتو، مسؤوليات كبيرة  تجاه توريط البلاد في الحرب، وتحويل اليونان إلى "قاعدة انقضاضية" إمبريالية عبر توسيع و مضاعفة عدد قواعد الموت، و عبر نقل القوات و من خلال تمويل الحرب ودعمها.

إن هذا التطور يجعل الشعب هدفاً لإجراءات مضادة حربية من قبل الجانب الآخر.

المطلوب الآن هو فكاك البلاد من الخطط والمنظمات الإمبريالية!

فلتُغلق القواعد الأجنبية!

و لتعُد إلى البلاد جميع وحدات القوات المسلحة الموجودة خارج الحدود!

و ليتوقف الآن تنفيذ العقوبات ضد روسيا التي تضيف أعباء مالية جديدة على عاتق شعوب أوروبا!

لقد ألقت الحرب في أوكرانيا "بظلالها" على العلاقات اليونانية التركية، حيث يزعم المسؤولون الحكوميون أنه لا ينبغي أن نسمح بقيام عملية "إعادة نظر" بوتين الروسية، لأن نزعة "إعادة النظر" اﻹردوغانية ستتعزز بهذا النحو ضد اليونان وقبرص.

و على الرغم من ذلك، من كان "المعلمون الأوائل" لـ "إعادة النظر"؟

ألم يكونوا أولئك الذين فككوا يوغوسلافيا؟

ألم يكونوا: الناتو و الاتحاد الأوروبي و الولايات المتحدة؟

أليس هؤلاء هم من دمروا ليبيا؟

أليسوا هم الذين "انتهكوا مراراً و تكراراً"  القانون الدولي  في أفغانستان وسوريا وفي كثير من أنحاء العالم؟

أليسوا هؤلاء الذين تواصل تركيا و بإسناد منهم، احتلال 40٪ من قبرص؟

و تواصل تسليح نفسها بالأسلحة الحديثة، وتطوير صناعتها الحربية؟

و تواصل اعتبار بحر إيجه "منطقة متنازعة عليها"، مع التشكيك بسيادة الجزر اليونانية و بالحقوق السيادية لليونان وقبرص عبر  ما يسمى "الوطن الأزرق"؟

قبل أيام سمعنا رئيس الوزراء اليوناني يرفع صوته ليقول لنا أن "الشعارات العثمانية الجديدة" للقيادة التركية، لن تمر!!!

قيل ذلك حين قيام طائرات تركيا "الحليفة" بالتحليق فوق الجزر اليونانية. و حينما يصبح المجال الجوي "كثير الفجوات" من  اختراقات المقاتلات التركية "الحليفة". و ذلك في حين قيام "حلفائنا الأقوياء" الذين هم أيضاً "حلفاء" لتركيا ﺑ"فرش السجاد اﻷحمر" بغرض إبقاء تركيا في "عش دبابير" حلف اﻷطلسي، بعيداً، كما يُقال، عن التأثير الخبيث لروسيا ...

إن "حلف" الناتو هذا لغريبٌ للغاية! ...

حيث يهدد أحد "الحليفين"، "حليفه" الآخر  بأنه "قد يأتي ذات ليلة" بسلاحه لفرض مطالبه التي تغيَّر منسوبها هذه الأيام. و هو الذي لا يتحدث الآن فحسب، عن المطلب غير المقبول بنزع سلاح الجزر اليونانية، بل و يزعم أن واقع هذه الجزر هو نتيجة "غزو واحتلال"، و هذا لأمر أكثر خطورة ...

ما هي مصلحة شعوب اليونان وتركيا و البلدان الأخرى من"حلف" كهذا، حيث يُثرى بعض "الحلفاء" من خلال بيع أسلحة  سيستخدمها "حلفاء" آخرون في منظور الاقتتال بينهم؟

إن هؤلاء "الحلفاء" هم نفسهم الذين تقدمهم الحكومات اليونانية على مر الزمن، إلى جانب الأنظمة الرجعية الأخرى، كنظام إسرائيل و السعودية، زاعمة بهتاناً أن هؤلاء يشكلون "ضمانة" لأمن البلاد و ﻠ"سلام" الشعوب.

إن الواقع هو على العكس تماماً.

و ذلك لأن منظومات الأسلحة الحديثة تُشترى، ولكن يجري التحكم فيها بطرق مختلفة من قبل هذه القوى فيما بعد. إن "الضمانات" المزعومة التي تمنحها هذه القوى لا تكفي لمنع "أعاصير" الحروب التي تنشأ في "خلجان" هذا النظام الرأسمالي وتحوِّل الشعوب إلى "سمادٍ" لربحية الاحتكارات.

لا لأية ثقة بالحكومات البرجوازية و أحزاب التوجه الأوروأطلسي و "العنترية الزائفة"، حيث يتناوب "رفض العنتريات" مع العناق أثناء قمم الناتو و مختلف مجالس أعمال السوق الرأسمالية.

يكمن الحل لشعوب اليونان وتركيا و باقي البلدان المجاورة في الصراع من أجل الفُكاك من مصالح ومخططات الطبقات البرجوازية واتحاداتها الإمبريالية.

باستطاعة الشعوب بصراعها أن تنهي مسببات إراقة الدماء الحربية».

 

 

 

 

 

21.09.2022