روابط المواقع القديمة للحزب
عن موقف حزب العمال الشيوعي الروسي في الحرب الإمبريالية في أوكرانيا
بعد نشر مقالنا المنشور حول موقف الحزب الشيوعي للإتحاد الروسي، نريد أيضاً الإجابة على بعض الأسئلة حول موقف حزب العمال الشيوعي الروسي فيما يتعلق بالحرب في أوكرانيا. هي الأسئلة التي نشأت من بعض ملاحظات حزب العمال الشيوعي الروسي التي لا أساس لها على قرار اللجنة المركزية للحزب الشيوعي اليوناني، والتي حرص بعض "مُريدي الخير" الذين يُناهضون مواقف الحزب الشيوعي اليوناني المبدئية ويدعمون الخطط الجيوسياسية للطبقة البرجوازية الروسية، على ترجمتها إلى اليونانية وتعميمها في مختلف وسائل الإعلام.
بضع كلمات عن حزب العمال الشيوعي الروسي
على الرغم من واقعة كون حزب العمال الشيوعي الروسي أصغر حجماً من الحزب الشيوعي لروسيا الاتحادية، إلا أنه معروف جيداً لدى شيوعيي بلدنا بفضل مشاركته في عدد من الأنشطة متعددة الأطراف التي يشارك بها الحزب الشيوعي اليوناني أيضاً، كاللقاءات اﻷممية للأحزاب الشيوعية و العمالية و المبادرة الشيوعية الاوروبية و المجلة الشيوعية الأممية.
حيث ينبغي القول أن حزب العمال الشيوعي الروسي الذي تشكل في 30 تشرين الثاني\نوفمبر 1991، كان أحد أولى اﻷحزاب التي أبرمت علاقات ثنائية مع الحزب الشيوعي اليوناني.
شارك حزب العمال الشيوعي الروسي في انتخابات عام 1995 (4.5٪) وفي عام 1999 (2.2٪) بأسماء مختلفة، بينما تم انتخاب السكرتير اﻷول للجنته المركزية فيكتور تولكين، نائباً في 2003 على قوائم الحزب الشيوعي لروسيا الاتحادية. و منذ ذاك الحين، لم يتمكن الحزب من المشاركة في الانتخابات، بسبب عدم ديمقراطية القانون الخاص بالأحزاب السياسية، والذي يسمح بممارسة الكثير من التعسف ضد القوى السياسية "غير المرغوب بها". و على هذا النحو، فقد خاصِّية "الحزب السياسي" سواء بشكل مستقل باعتباره حزب العمال الشيوعي الروسي كما و باعتباره "تحالفاً" ﻠ"حزب سياسي" مصطنع كان قد شكله تحت اسم "روت فرونت" [ترجمة: "الجبهة الموحدة لسائر عمال روسيا"]. إن هذا العنصر يُظهر عدم اقتصار اتخاذ تدابير ضد الشيوعيين على النظام الرجعي في أوكرانيا، بل اتخاذ تدابير مماثلة من قبل الديمقراطية البرجوازية الروسية أيضاً.
و بالتأكيد، و على غرار الحزب الشيوعي لروسيا الاتحادية لم يستطع حزب العمال الشيوعي الروسي التأثير على قوى عمالية أوسع في روسيا لتشكيل حركة نقابية قوية ذات توجه طبقي.
و فيما يتعلق بمسألة الحرب في أوكرانيا، يقول تقدير حزب العمال الشيوعي الروسي – على النقيض من الحزب الشيوعي لروسيا الاتحادية- بأننا بصدد صراع إمبريالي بيني، وأن روسيا قوة إمبريالية، أصغر من غيرها - كما يقول في أطروحاته – و أنها تقوم بعملياتها في أوكرانيا عبر وسائل عسكرية من أجل مصالح الطبقة البرجوازية. و في الوقت نفسه، يُقدِّر حزب العمال الشيوعي الروسي بأن هذا التطور هو ذو عناصر إيجابية، ولهذا السبب فهو يدعمه. حيث تقود هذه الانتقائية في تموضع الحزب في النهاية إلى دعم الحرب الإمبريالية. و على الرغم من ذلك، دعونا نرى الأمر بمزيد من التفصيل.
التقرير المقدم إلى اللجنة المركزية لحزب العمال الشيوعي الروسي
أقيمت يوم26\3\2022 الجلسة العامة للجنة المركزية لحزب العمال الشيوعي الروسي في موسكو، و التي خَلُصت إلى موقف حزب العمال الشيوعي الروسي"بشأن الأعمال الحربية لحكومة الاتحاد الروسي وقوات دونباس المسلحة في أوكرانيا" عبر المصادقة على اقتراح مجلسه السياسي ذي الصلة.
حيث تنصُّ هذه الوثيقة، من بين أمور أخرى على: "إن الرأسمالية جلبت الحروب إلى أراضي الاتحاد السوفييتي (...) إننا بصدد صدامات تشكُّل (ولادة) طبقة جديدة من المستغلين، هي صدامات تنشأ من الإمبريالية، و بنحو أصحّ، من رغبة إعادة اقتسام العالم فوق أراضي الاتحاد السوفييتي السابق بمشاركة مصالح رأس المال الأجنبي. و ما من شكٍ تجاه ذَنْبَ الطبقة البرجوازية الروسية تجاه المآسي المتواصلة (...) إن حزب العمال الشيوعي الروسي يُشدّد على أن المصدر الفعلي للصدام الذي هو موضع التحليل في أوكرانيا يتمثل في التناقضات الامبريالية البينية للولايات المتحدة و الاتحاد الاوروبي و روسيا، و هي التناقضات المشتملة لأوكرانيا".
و على النقيض من الحزب الشيوعي لروسيا الاتحادية الذي لا يرى الطابع الإمبريالي لروسيا، يرى تقدير حزب العمال الشيوعي الروسي أن "الاتحاد الروسي هو دولة جديدة، في مرحلة التكوين، لا تزال ضعيفة للغاية، و تابعة، ذات اقتصاد مشوه، ولكنها سلفاً و بالكامل دولة إمبريالية، ذات شهية ورغبة ممتازة في بلوغ حجم الضواري الكبرى". و يُسجِّل في الوقت نفسه، "أن أعتى الدول الإمبريالية لا تحتاج إلى روسيا ذات الاقتصاد القوي و المتطور، كشريك على قدم المساواة".
و بالإضافة إلى ذلك، يربط حزب العمال الشيوعي الروسي جملة لينين حول "حفنة من البلدان" التي سيطرت خلال عصره بالمقاربة النظرية الحالية التي تعتبر أن بلدان ما يسمى بـ "المليار الذهبي"، أي البلدان الرأسمالية الأكثر تقدماً، تقوم باعتصار باقي الكوكب بما في ذلك روسيا. و علاوة على ذلك، فإن حزب العمال الشيوعي الروسي وحلفائه، و انطلاقاً من المفهوم اللينيني لجوهر الإمبريالية، بناءاً على تعريف الفاشية الذي قدمته الكومنترن، توصلوا إلى وصف ظاهرة -الفاشية في السياسة الخارجية، أو كما نستخدم في كثير من الأحيان شعبياً، في عبارة النقل - "الفاشية القابلة للتصدير" (...) و إلى أن الفاشية في السياسة الخارجية اليوم هي ممارسة شائعة للولايات المتحدة وحلفائها. ومع ذلك، دعونا لا ننسى أن هذا التعريف كان قد صيغ حين قيام جدل خطير بين كوادر اﻷممية الشيوعية، و أن الأمر الرئيسي المتمظهر في الممارسة هو عجز هذا التعريف عن ترجمة علاقة الفاشية بالرأسمالية و بهذا النحو، العجز عن احتساب هذه العلاقة في استراتيجية الحركة الشيوعية الأممية.
و يعتبر حزب العمال الشيوعي الروسي أيضاً أن أوكرانيا دولة فاشية وأن الفاشية في هذا البلد "هي أوكرانية فقط من حيث مكان ظهورها، من حيث لغتها، من حيث استمراريتها التاريخية وتكوين كوادرها، ولكنها أمريكية تماماً من حيث أصلها".
و فيما يتعلق بتحركات روسيا، يرى أن "بوتين والسلطات الروسية لا ينقادون من مشاعر التضامن الوطنية" نحو الاعتراف بالجمهوريات الشعبية في دونباس، بل يستخدمونها "كذريعة و تبرير من أجل التحييد العسكري لأوكرانيا و الاجتثاث المزعوم للنازية فيها"، أي باعتبار ذلك حصرياً كرد على واقعة بصق الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي إجمالاً على "خطوط بوتين الحمراء". كما و يمارس حزب العمال الشيوعي الروسي نقده لعداء الشيوعية المتمظهر من جانب بوتين.
و في ذات وقت تقديره "بأن ما من شك يساورنا في أن الأهداف الفعلية للدولة الروسية في هذه الحرب هي أهداف إمبريالية بالكامل، و أنها للدفاع عن مواقع روسيا الإمبريالية في المزاحمة في السوق العالمية وتعزيزها" فهو يعتقد أن "ما دام التدخل العسكري الروسي يساعد في إنقاذ سكان دونباس من ضربات الانتقام، فإننا لن نعارض هذه المساعدة الفعلية. و على وجه الخصوص، فإننا نعتبر أن من المقبول، نظراً للظروف، هو استخدام العنف ضد النظام الفاشي في كييف، بقدر ما سيكون ذلك في مصلحة الشعب العامل". هذا و يعتبر حزب العمال الشيوعي الروسي أيضاً أن " ترتيب القوى الطبقية في روسيا ليس مماثلاً بدرجة تسمح لنا بعد باعتبار الطبقة العاملة فاعلاً كاملاً في السياسة (...) إن الشيوعيين في اللحظة التاريخية الحالية في الاتحاد الروسي لا يمتلكون دعماً جماهيرياً من العمال، و لن يستطيعوا حيازته حتى نهوض الحركة العمالية". و لهذه الأسباب، يؤيد هذا الحزب غزو روسيا الإمبريالي لأوكرانيا ولم يوقِّع على البيان المشترك للأحزاب الشيوعية والعمالية الـ 42 و اﻠ30 منظمة شبيبية شيوعية من جميع أنحاء العالم، والذي كان قد صدر بمبادرة من الحزب الشيوعي اليوناني و الحزب الشيوعي لعمال إسبانيا و الحزب الشيوعي المكسيكي والحزب الشيوعي التركي، و ذلك على النقيض من منظمته الشبيبية RKSM(b) - اتحاد الشباب الشيوعي الثوري (البلاشفة) التي تحافظ على علاقات ثنائية مع الشبيبة الشيوعية اليونانية.
عن المقاربة الخاطئة للعالم المعاصر و روسيا
على الرغم من أن حزب العمال الشيوعي الروسي – و على النقيض من الحزب الشيوعي لروسيا الاتحادية- يحاول في مقاربته المذكورة أعلاه، رؤية التطورات من وجهة نظر طبقية، لكنه ينزلق إلى أخطاء نظرية وسياسية خطيرة، و حتى إلى "الاستعارة" من الرؤى و القوى البرجوازية، التي يوصِّفها حزب العمال الشيوعي الروسي ذاته بأنها انتهازية. حيث تقود به هذه الإخفاقات إلى "تبييض" الغزو العسكري الروسي غير المقبول، والذي يُشنُّ وفقاً لإقراره من أجل أسباب إمبريالية، باسم تخليص شعب دونباس.
يصف حزب العمال الشيوعي الروسي روسيا بأنها دولة إمبريالية "ضعيفة" و "تابعة"، والتي ترفض "الدول الإمبريالية الأعتى" التعامل معها على أنها "شريك على قدم المساواة". تُكتب هذه اﻷمور كما لو أن العلاقات بين البلدان الإمبريالية الأخرى لا تتميز بعدم التكافؤ و التبعية المتبادلة بين البلدان، و أن البلد الوحيد الذي لا يتم التعامل معه على أنه "شريك على قدم المساواة" هو روسيا الرأسمالية. تُقال هذه اﻷمور عن روسيا، ثاني أكبر قوة عسكرية في العالم، عن الدولة الرأسمالية الوحيدة التي يمكنها اليوم أن تهدد بكارثة نووية أعتى قوة إمبريالية على هذا الكوكب، الولايات المتحدة. عن بلد ذي احتكارات عاتية للغاية، هو الخامس في العالم من ناحية عدد المليارديرات، و الذي يحتل المرتبة اﻠ11 في الحصة الاسمية من الناتج المحلي الإجمالي العالمي واﻠ6 في حصة الناتج المحلي الإجمالي العالمي الفعلي، وكذلك في الإنتاج الصناعي في العالم، و الذي تدين له عشرات الدول 27.3 مليار دولار، والذي يحتل المركز الخامس في العالم بين البلدان المقرضة لما يسمى بالدول النامية، مع احتلال الصين المركز الأول بينها. هو بلد لديه القدرة على تعزيز سياسته الخارجية من خلال ممارسة حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
و على هذا النحو يتجاهل حزب العمال الشيوعي الروسي واقع أن جميع الدول الرأسمالية المندرجة اليوم في النظام الإمبريالي، تصوغ علاقات بينية غير متكافئة، فوق أساس قوتها (الاقتصادية والسياسية والعسكرية) حيث تحتل روسيا أحد أهم المراتب في هذا "الهرم" الإمبريالي، كمحصِّلة لكافة إمكانياتها (الاقتصادية ، السياسية والعسكرية). هذا و يزيد حزب العمال الشيوعي الروسي التأكيد على واقعة أن التوجه المهم للاقتصاد الروسي هو استخراج المواد الأولية، مع تجاهله المجالات الأخرى المتقدمة علمياً و التي تتصدَّرها روسيا عالمياً (بناء محطات الطاقة النووية، البعثات الفضائية، تجارة الأسلحة الحديثة و اللقاحات، و ما شاكلها). و على أساس هذا الفهم المشوه للعالم المعاصر "يترجم" الحزب وفق ما يناسبه، جملة لينين عن "حفنة من البلدان" و التي كانت قد كُتبت عندما كان ¾ الكوكب لا يزال في شكل مستعمرات ويَخلُصُ اليوم إلى قبول الرؤية اللاطبقية لبلدان ما يسمى "المليار الذهبي" (التي استثنيت منها بلدان رأسمالية عاتية كالصين وروسيا). هي رؤية غير موجودة في برنامج حزب العمال الشيوعي الروسي و لكنه "يستعيرها" اليوم من البرنامج الحالي للحزب الشيوعي للاتحاد الروسي.
عن وجهة النظر المُضرَّة حول "الفاشية القابلة للتصدير"
يكرر حزب العمال الشيوعي الروسي في تحليله وجهة النظر المضرة حول "الفاشية القابلة للتصدير". و على غرار الحزب الشيوعي لروسيا الاتحادية فهو يوصف الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بكلامه على أنهما"فاشية ليبرالية"، و بهذا النحو يُضفي حزب العمال الشيوعي الروسي توصيف "الفاشية" على بعض أعتى القوى الإمبريالية (الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي). بادئ ذي بدء، إن تقسيم دول النظام الإمبريالي الدولي إلى دول مؤيدة للفاشية - مؤيدة للحرب أم لا، يُعتِّم على سبب ولادة و تعزيز التيار الفاشي، الموجود في الرأسمالية الاحتكارية و داخل كل بلد. و على هذا النحو لا يمكننا أن نتفق مع وجهة النظر هذه حول فرز القوى الإمبريالية إلى "شريرة" ("فاشية" ، "فاشية جديدة") و "خيِّرة"، ولا بالتأكيد مع دعوات من أجل تشكيل "جبهات مناهضة للفاشية" في اتجاه غير طبقي، أي في تحالفات دون معايير طبقية اجتماعية و الاصطفاف إلى جانب ما يُزعم أنها "دول مناهضة للفاشية".
إن هذه الرؤية تقود نحو نزع سلاح الحركة الشيوعية والطبقة العاملة، و نحو التخلي عن مهمتها التاريخية، وتشكيل ما يسمى بخط "علاج" الإمبريالية من "مرض القوى الفاشية". و بينما يصر حزب العمال الشيوعي الروسي على إشارات نحو ضرورة الصراع ضد الانتهازية وضرورة الاعتراف بديكتاتورية البروليتاريا، فإنه في نفس الوقت يدعو الحركة الشيوعية إلى مواكبة الخصم، مع القوى البرجوازية التي تستخدم كافة الوسائل ضد قضية الاشتراكية. و في الممارسة و باسم مواجهة الفاشية، يُفتح الطريق للتعاون مع الانتهازية، والاشتراكية الديمقراطية و القوى السياسية البرجوازية، و مع قطاعات من الطبقة البرجوازية. يُفتح الطريق لاختيار امبريالي. و على هذا النحو، تُدعى الحركة الشيوعية ضمن الصدام الإمبريالي الحربي في أوكرانيا إلى دعم قوى إمبريالية معينة، باسم أن القوى الأخرى هي "فاشية".
إن الرؤية حول "الفاشية القابلة للتصدير" هي رؤية برجوازية، طرحت لأول مرة من قبل قوى سياسية برجوازية روسية وقت "الثورة البرتقالية" عام 2006 في أوكرانيا. و نُشرت لاحقاً من قبل زعيم ما يسمى بـ "حزب العمال الروسي"، م. بوبوف، الذي كان يتعاون مع حزب العمال الشيوعي الروسي و التي تبناها الأخير خلال التدخل العسكري الروسي في سوريا. و شكَّلت هذه الرؤية موضوع صراع أيديولوجي – سياسي على حد السواء داخل حزب العمال الشيوعي الروسي و في إطار "المجلة الشيوعية اﻷممية". حيث سيرى أولئك الذين يسترجعون النقاش العلني في صفحات العدد ذي الصلة من "المجلة الشيوعية اﻷممية"، تأكيد صوابية الحزب الشيوعي اليوناني بالكامل، و هو الذي توقَّع منذ عام 2014 بأن هذه الرؤية ستقود نحو تماشٍ خاطئ مع قوى سياسية برجوازية.
إن الحجة الرئيسية للرأي القائل بوجود "فاشية قابلة للتصدير" هي انتهاك الولايات المتحدة للقانون الدولي بسياستها الخارجية. و في هذه الحالة فإن حزب العمال الشيوعي الروسي لا يأخذ في الحسبان أن الاتفاقيات التي تشكل القانون الدولي هي عبارة عن نتاج لتناسب القوى، و باعتباره كذلك، فقد أصبح هذا القانون أكثر رجعية في السنوات الأخيرة بعد انقلابات الثورة المضادة.
النقد الموجه للحزب الشيوعي اليوناني
أقدم حزب العمال الشيوعي الروسي على التعليق على قرار اللجنة المركزية للحزب الشيوعي اليوناني بشأن الحرب الإمبريالية في أوكرانيا، مُتهِماً اتهم حزبنا، من بين أمور أخرى، بأن "الحزب الشيوعي اليوناني قد أخطأ في رؤية الدفاع عن شعب دونباس مجرد ذريعة لشن الكرملين حرباً إمبريالية في أوكرانيا. إن هذا صحيح إذا ما أخذنا الهدف الإمبريالي النهائي للحرب أي إحلال "منطقة ما بعد الاتحاد السوفييتي" تحت سيطرة رأس المال الروسي. لكن هذا ليس ذريعة على الإطلاق، بل ضرورة فعلية من وجهة نظر الشعوب - ضحايا النظام الفاشي في كييف. (وكذلك من وجهة نظر الشعب الأوكراني). و بالتالي، فإننا في هذا الجزء المناهض للفاشية، ندعم حرب ميليشيات دونباس والجيش الروسي". بالإضافة إلى ذلك يتهم حزب العمال الشيوعي الروسي حزبنا الشيوعي اليوناني بغياب تضامنه مع شعب دونباس.
و تُكتب هذه اﻷمور:
- عندما يكون الحزب الشيوعي اليوناني ذاك الحزب الشيوعي من إحدى بلدان الناتو والاتحاد الأوروبي، الذي يتواجد 3 من كوادره، أحدهم عضو البرلمان ونائبٌ لرئيس البرلمان اليوناني، و آخر عضو في البرلمان الأوروبي حينها و كادر ثالث، على "القائمة السوداء" الرسمية لنظام كييف الرجعي، لأنهم كانوا في عام 2014 جزءاً من بعثة الحزب إلى منطقة دونباس، للإعراب عن تضامن الحزب الشيوعي اليوناني مع شعب البلاد و هو الذي لا يقسِّمه الحزب الشيوعي اليوناني بالتأكيد، على أساس أصله القومي و اللغوي، كما يفعل الآخرون، و يعززون بذلك النزعة القومية و تفريق الشعوب.
- عندما يكون الحزب الشيوعي اليوناني هو الحزب الذي أدان و بثبات و بأساليب عديدة منذ عام 2014، و من منبر البرلمان الأوروبي، الانقلاب غير الدستوري و المناهض للديمقراطية، الذي وقع في ذلك الوقت في أوكرانيا، بدعم من الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي كما و استخدام القوى الفاشية. عندما شجب الحزب الشيوعي اليوناني معاداة الشيوعية، و عمليات الحظر في أوكرانيا، و السياسات العنصرية ضد الشعوب الناطقة بالروسية في أوكرانيا ودول البلطيق، مع وقوفه و بثبات إلى جانب الشيوعيين والطبقة العاملة في كل من أوكرانيا وروسيا، على أساس مبدأ الأممية البروليتارية.
- عندما نعلم جيداً نحن و حزب العمال الشيوعي الروسي بأن طبيعة ما يسمى بـ "الجمهوريات الشعبية" في دونباس لا تشترك في أي شيء مع الجمهوريات الشعبية التي ظهرت بعد الحرب العالمية الثانية في أوروبا، و أن "الجمهوريات الشعبية" لدونباس هي أنظمة برجوازية، لم تبقى إلا بفضل الدعم متعدد الأوجه الممنوح من قبل الطبقة البرجوازية الروسية. وعندما يُعرف أن القادة القلائل الموالين للشيوعية في بعض وحدات الميليشيات والذين كانوا قد تواجدوا في السنوات الأولى بعد 2014، كانت قد جرت إبادتهم في ظل ظروف "غريبة"، وأن هذه الأنظمة تخضع لسيطرة الكرملين الكاملة، و أن صفوف الميليشيات تدمج مجموعات مسلحة لقوى السياسية روسية رجعية وحتى لقوى فاشية.
و حتى الآن لم يُنقذ الغزو الروسي لأوكرانيا شعب دونباس من الحرب، كما يقدر حزب العمال الشيوعي الروسي، بل حوَّله إلى "لحم لمدافع" الحرب الإمبريالية، حيث أعلنت فقط في هذه المنطقة التعبئة العامة للسكان. و بالإضافة إلى ذلك، هناك خطر قائم لتحويل هذا الشعب إلى "عود ثقاب" لاندلاع شامل "سيحرق" العديد من الشعوب الأوروبية. و على أي حال، فإن إلحاق هذه المناطق بروسيا، و كما في حالة القرم، لن ينقذها من الاستغلال الطبقي و من مآزق الرأسمالية، في حين سيزيد من الكراهية القومية بين الشعبين الروسي والأوكراني ويجعل من الصعب على كِلا الشعبين خوض صراعهما المشترك الضروري ضد خصمهم المشترك الوحيد، الرأسمالية.
ردود فعل داخل حزب العمال الشيوعي الروسي
إذا ما كان دعم الحزب الشيوعي لروسيا الاتحادية للغزو الروسي لم يكن ذي ردود فعل حزبية داخلية جادة، فقد كانت هناك بالمقابل اهتزازات خطيرة وقعت في حزب العمال الشيوعي الروسي، لأن من الواضح الآن و بالعين المجردة، هو انضمام حزب العمال الشيوعي الروسي إلى خط تبرير الطبقة البرجوازية الروسية و الحرب الإمبريالية، أمر لا يليق بمساره التاريخي حتى الآن. و على هذا النحو، فقد تمظهرت خلافات خطيرة خلال الجلسة العامة للجنة المركزية لحزب العمال الشيوعي الروسي. و كانت نتاجها انسحاب عضوي المجلس السياسي للحزب منه (أ. باتوف و س. كروبِنكو) كما و انسحب منه بعض الأعضاء الآخرين في لجنته المركزية.
يهدد التطور الأخير بتوجيه ضربة أيديولوجية - سياسية ساحقة إلى حزب العمال الشيوعي الروسي، كما تبدَّى أيضاً مما يسمى "مؤتمر دعم الصراع ضد الفاشية في أوكرانيا" ، الذي انعقد في 20\3\2022 في مقر اللجنة المركزية لحزب العمال الشيوعي الروسي.
حزب العمال الشيوعي الروسي على طرق سياسية خطرة
شارك في المؤتمر المذكور أيضاً عدا حزب العمال الشيوعي الروسي، حزب "روسيا الأخرى" القومي و فلاديمير كفاتسكوف، الذي هو جندي سابق اعتقل بتهمة التآمر لاغتيال أناتولي تسوبايس، و هو الذي يَصف نفسه بأنه "قومي مسيحي روسي". و كانت منظمة "روسيا الأخرى" قد أفادت حينها أن عنوان الفعالية كان: "مؤتمراً من أجل النصر!" (باستخدام الرمز "Z" الذي تحمله المركبات العسكرية الروسية في حرب أوكرانيا).
إن حزب "روسيا الأخرى" هو قوة قومية، كانت تُعرف سابقًا باسم "الحزب البلشفي القومي" (ملاحظة: على غرار "القومي الاشتراكي")، تم تشكيله عام 2010 من قبل "المنشق" السوفييتي السابق إدوارد ليمونوف (ملاحظة: مات عام 2016). استخدم الحزب الرموز الفاشية، واستبدل الصليب المعقوف برمز المطرقة والمنجل الأسود. بعد وفاة مؤسسه، يتمثل رمزه في علم أحمر يحتوي دائرة بيضاء بها قنبلة يدوية سوداء وشعار "لروسيا كل شيء، وللآخرين لا شيء!". باﻹمكان تصنيف هذه المنظمة المعينة، التي تظهر على أنها "مؤيدة للسوفييت" لكنها لا ترى الاتحاد السوفييتي على أنه اشتراكي، بل تعتبره دولة قوية ذات أراضٍ كثيرة، على أنها منظمة يمينية متطرفة و ذائعة الصيت بأعمالها الاستفزازية. و هي تزعم أن لديها2000 رجل مسلح يقاتلون في دونباس. هذا و في مقطع فيديو ذي صلة بالتظاهرة المذكورة، تظهر قيادة حزب العمال الشيوعي الروسي متمثلة بحضور الرفيق تولكين، وهي تدعو منظمة اليمين المتطرف "روسيا الأخرى" إلى تشكيل كتلة انتخابية مشتركة. تتبدى مع الحرب الإمبريالية محاولة "غسل و تبييض" منظمات يمينية متطرفة أو فاشية و شبه فاشية و تقديمها باعتبارها وطنية، و ذلك ليس في أوكرانيا فحسب بل كما و في روسيا أيضاً.
غني عن البيان هو أن هذه التطورات لا تليق بالمسار التاريخي لحزب العمال الشيوعي الروسي، ولا بالالتزامات التي تعهد بها في إطار أشكال التعاون المتعددة الأطراف التي يُشارك بها (المبادرة الشيوعية الأوروبية، المجلة الشيوعية الأممية).
إنه لمن المحزن بنحو مضاعف للحزب الشيوعي اليوناني هو انقياد حزب ربطتنا به علاقات ثنائية لسنوات عديدة، إلى مواكبة الطبقة البرجوازية لبلاده و مواكبته حتى للمنظمات القومية اليمينية المتطرفة، بسبب عدم قدرته النظرية على معالجة التطورات الدولية و موقع بلاده في العالم الإمبريالي، على أساس الماركسية اللينينية.
حيث يَثبت أن استدعاء الحاجة إلى الصراع ضد الانتهازية، وكذلك أن إعادة إنتاج مصطلحات نظرية مهمة ﻛ"دكتاتورية البروليتاريا"، لا يمكنها إطلاقاً وقاية حزب شيوعي من المواضع الخطرة و من "الاستعارة الأجنبية" لمقاربات غير علمية يمكنها أن تقود به ليكون "ذيلاً" لخيارات طبقة بلاده البرجوازية.
* نُشر المقال في صحيفة ريزوسباستيس الناطقة باسم اللجنة المركزية للحزب الشيوعي اليوناني في 29 نيسان\أبريل 2022.
10.05.2022