روابط المواقع القديمة للحزب
الفصل الثالث
الوضع في الحركة النقابية العمالية
21. تعرضت الحركة النقابية في العقد الماضي لضربة أكبر وتعمَّق تدهورها، ليس فقط فيما يخص مضمون عملها و اندماج غالبية النقابات العمالية في التطلعات الاستراتيجية لرأس المال، ولكن أيضاً في هيكلها و بعدها التنظيمي.
لا تزيد نسبة العمال المنتظمين نقابياً في القطاع الخاص عن 15٪. وفقًا لبيانات الكونفدرالية العامة لعمال اليونان التي تضم 62 اتحاداً و 79 مركزاً عمالياً و التي تنضوي ضمنها 2300 نقابة أولية، شارك في انتخاباتها في السنوات الثلاث الماضية 360.000 عامل. هو عدد يمثل نقطة متدنية تاريخياً. هذا و يكون التراجع في التنظيم العمالي أكبر إذا ما اعتبرنا أن معدلات مشاركة العمال في النقابات أقل بكثير من معدلات مشاركتهم في انتخاباتها، إلى جانب التزوير الواسع للبيانات، في ترابط مع نقابات "اﻷختام" التي يقدمها نقابيو أرباب العمل و الحكومة لانتخاب المزيد من ممثليهم في الهيئات النقابية.
و يشارك في اﻠ 44 اتحاد المسجل في اﻹدارة العليا لاتحادات عاملي القطاع العام (إ.ع.إ.ع.ق.ع) ما يزيد عن 1200 نقابة أولية، و التي شارك في انتخاباتها 265 ألف موظف. و على الرغم أن نسبة المشاركة في القطاع العام تبلغ 62٪ إلا أنها تخص فقط الموظفين المثبَّتين أو ذوي عقود غير محددة المدة، وهم الذين يُسجَّلون في النقابة منذ اليوم الأول لتعيينهم، حتى بدون علمهم. و في الوقت نفسه، فإن ذلك يستند على شبكة من التخادم، والتعيينات، والإعارات، والنقل، والترقيات، وما شاكلها و التي يروج لها من قبل التكتلات النقابية للأحزاب البرجوازية. و لا تسجل المنظمات النقابية المنضوية في إ.ع.إ.ع.ق.ع العمال المتعاقدين وعموما الموظفين ذوي علاقات العمل المرنة في القطاع العام، و هم الذين يتخذ عددهم في الازدياد، بينما يشكلون في بعض القطاعات (الصحة، الإدارة المحلية) العدد اﻷكبر من العمال و الموظفين، و الذي تقوم القيادات النقابية بمنعه من دخول النقابات. و يتمثل استثناء عن ذلك في اتحادات المعلمين حيث تم ضمان مشاركة المعلمين البدلاء ومن شاكلهم في النقابات الأولية وفي مؤتمرات اتحادات القطاع العام، عندما تكون القوى ذات التوجه الطبقي في موقع الأغلبية.
و على الرغم من أن 85 ٪ من جميع عمال (القطاعين خاص والعام) يعملون في القطاع الخاص بدوام كامل أو جزئي، إلا أن غالبية المنضمين للنقابات يعملون في القطاع العام، وكذلك في القطاع العام الأوسع المنضوي ضمن الكونفدرالية العامة لعمال اليونان، ممثلاً نسبة 56٪ من مجموع المسجلين نقابياً. و في العقد الأخير خلال مرحلة الأزمة الرأسمالية، تنمو الطبقة العاملة عددياً ونسبياً، لكن درجة تنظيمها تتقلص سواء في الطبقة العاملة ككل أو وفق القطاعات و المناطق.
عوامل و تحولات موضوعية أثرت على درجة التنظيم
.22 تؤثر الثورة المضادة و إسقاط الاشتراكية، كعامل موضوعي في تراجع الحركة النقابية العمالية. كان للبناء الاشتراكي في القرن العشرين، على الرغم من مشاكله و انحرافاته الموجودة، تأثير إيجابي على الحركة النقابية في الدول الرأسمالية، و على تنظيم العمال ومطالبهم.
و أثر في مسيرة التراجع بنحو متناقض تمظهر الأزمة الرأسمالية السابقة، عبر تقليص أو إغلاق النشاط الإنتاجي في قطاعات ذات تاريخ تنظيم نقابي و نضالات، كما و نمو قطاعات أخرى ضمن هذا العقد، وكذلك نمو مجالات جديدة في الاقتصاد.
هذا و يرتبط التراجع بتحولات سلبية كبيرة في ظروف عمل و حياة الطبقة العاملة، في أشكال وطرق تكثيف الاستغلال. إننا بصدد تحولات صيغت عبر ما يسمى بإعادة الهيكلة الرأسمالية والإصلاحات المناهضة للعمال و "المذكرات" المعروفة وقوانين أخرى. حيث أثَّر بنحو مهم ارتفاع معدلات البطالة و العمل الجزئي، وتعميم أشكال العمل المرن المؤقت، والاستغلال الجماعي للمهاجرين، والتباين الطبقي الكبير، وتنقل العمال الشباب من قطاع إلى آخر وداخل نفس القطاع، على درجة تنظيم و وحدة الطبقة العاملة. و صعَّبت بنحو أبعد إعادة إحياء النقابات، في ترابط مع المحتوى النقابي الإصلاحي الشديد الذي ساد في الحركة العمالية النقابية، وتطور خط الشراكة الاجتماعية، و احتواء العديد من النقابات من قبل الدولة و الاتحاد الأوروبي، في حين ترتبط إدارات العديد من النقابات اﻷولية في الشركات بنحو عضوي مع أرباب العمل.
و مع استخدام الطبقة البرجوازية للترسانة التشريعية التي أمنتها لها جميع الحكومات المتعاقبة و استخدام التهديد بالتسريح من العمل في ظروف بطالة متفجرة، قامت بتعميم عقود العمل الفردية. حيث أتيحت لأصحاب العمل إمكانية إلغاء اتفاقيات المفاوضة الجماعية في الممارسة، واستبدالها بالعقود الموقعة من قبل جمعيات الأفراد التي هي أدوات لهم، مع عواقب سلبية مباشرة على شروط بيع قوة العمل و توجيه ضربة للتنظيم النقابي. و في هذا السياق رُسِّخت و عُمِّقت علاقات العمل المرنة وتقييم الموظفين، مما أدى و بترابط مع أساليب أخرى إلى تعزيز المنافسة بينهم.
و فوق أرضية العوامل المادية الموضوعية، يتأثر وعي العمال أيضاً بأنواع مختلفة من خيارات الإدارة الحكومية، التي تحاول التحكم بعواقب الحلقة المفرغة لتمركز و مركزة رأس المال، فضلاً عن انخفاض قيمته.
و نَجَم إضعاف عام جديد للنقابات من فترة التعليق الجماعي للآمال على حزب سيريزا، و من الأوهام حول التغلب على عواقب الأزمة الرأسمالية عِبر حكومة إدارة "يسارية" ضمن إطار السلطة الرأسمالية، و من التوافقية التي غُذّيت و الانهزامية التي حضرت بعد دحض الآمال الواهية. حيث كانت في وقت سابق قد نُشرت شعارات رجعية في تجمعات ساحات الساخطين، مثل "فلتخرج الأحزاب والنقابات" ، بينما عُزز لاحقاً منطق "عدم نجاعة" النضالات و منطق "لا شيء يتغير"، حيث كان معيارها مرتبطا بالتناوب الحكومي و بقيام تدخل مزعوم مؤيد للشعب في الاقتصاد الرأسمالي والاتحاد الأوروبي.
و طوال هذه الفترة، عُزِّز زرع التعاون الطبقي من جانب حكومات أحزاب برجوازية ليبرالية، و اشتراكية ديمقراطية، وانتهازية. و تعزز الافتراء على الصراع الطبقي، وتشويه سمعة التنظيم النقابي. و بمسؤولية أرباب العمل وقواهم السياسية والنقابية البرجوازية، توسعت ظواهر الفوضى والاحتيال و شراء الذمم، و صيغ خط وممارسة أكثر عدوانية ضد القوى ذات التوجه الطبقي، من أجل حماية مصالح أرباب العمل و النظام. و على النقيض من هذه المساعي يسير عمل الحزب الشيوعي اليوناني والنقابات ذات التوجه الطبقي.
يهيمن نقابيو الدولة والحكومة ونقابات أرباب العمل في الكونفدراليات النقابية العليا
23. إن عمل الحزب الذي أسفر عن نتائج ملموسة وخبرة هامة، لم يغير واقعة بقاء الفروع والقطاعات الأساسية للاقتصاد الرأسمالي، والنقابات وعدد من المنظمات الثانوية مرتبطة بقطاع نقابي أرباب العمل و الحكومة المهيمن في الكونفدرالية العامة لعمال اليونان و إ.ع.إ.ع.ق.ع و الذي يشكل آلية إدارة مشتركة لمطالب ومصالح أرباب العمل والدولة، وهي آلية بيروقراطية بحتة. حيث تعمق دورها ضمن مسار أعوام عديدة، باعتبارها أداة لأرباب العمل والدولة ضد الطبقة العاملة وحقوقها.
و تحافظ الفصائل النقابية للأحزاب البرجوازية، "باسكِه" و "ذاكِ" على الأغلبية في هيئات الكونفدرالية العامة لعمال اليونان و إ.ع.إ.ع.ق.ع على الرغم من انحدار هيبتها، و هي متواجدة في تعاون مستمر تصطف خلفه قوى سيريزا. حيث لم يتمكن الأخير من تشكيل ذراع نقابي هام لا خلال فترة حكمه، و لا في المرحلة السابقة التي استحوذ فيها برلمانياً على قوى هامة من حزب الباسوك.
و يقوم تعبير الاشتراكية الديمقراطية في المرحلة الحالية ضمن الحركة النقابية على إعادة تكييف مواقفه وتكتيكه بهدف تقوية وتوسيع وتدعيم اندماجها في خدمة تنافسية الاقتصاد الرأسمالي. و كانت تبعة انحسار الباسوك – المسمى: حركة التغيير، اليوم- المتمظهر في السنوات السابقة قد جرى نظراً لدعمه جميع عمليات إعادة الهيكلة في ظروف الأزمة الاقتصادية العميقة، قد تمثلت في انتقال قوى له نحو سيريزا مما جعل الأخير المعبر الرئيسي عن الاشتراكية الديمقراطية. ومع ذلك، فإن هذه الخلافة، على الرغم إحداثها اضطراباً في فصيل باسكِه السائد آنذاك، إلا أنها لم تسبب انحساراً مماثلاً له.
و لا يزال فصيل باسكِه خاصة في القطاع العام والقطاع العام الأوسع، في البنوك، في بعض القطاعات الصناعية، يُحافظ على آلية دمج. و كان له اتجاه تنازلي اعتباراً من عام 2010 ولمؤتمرين متتاليين حتى عام 2016 على حد السواء في الكونفدرالية العامة لعمال اليونان و إ.ع.إ.ع.ق.ع، و الذي توقف عام 2020 و بقي في المرتبة الأولى في نسبه المئوية و مقاعده. إن هذا يُظهر استقلالية معينة في وظيفته مقارنة بحزبه، و هي التي تستند على ارتباطه المباشر بالآليات، ولا سيما في مؤسسات المرافق العامة السابقة و ارتباط النقابات بها، و على روابط قوية لإدارات النقابات الكبرى مع إدارات المؤسسات و الدولة البرجوازية، بمعزل عن التشكيلات الحكومية المتعاقبة. و عِبر مطية معهد العمل التابع للكونفدرالية العامة لعمال اليونان، واصل هذا الفصيل خلق أغلبيات مزورة من أجل التحكم في إدارات النقابات العمالية عِبر برامج التدريب و دكاكين المقاولين وشركات النخاسة التي أصبحت آليات تداول مباشر للمراكز العمالية مع الشركات. تواجد حزب الباسوك في الحكم لسنوات عديدة، لكنه أسس أيضاً تطوير قواه النقابية في فترة تاريخية أخرى. و على العكس من ذلك، لم يستطع سيريزا تشكيل طاقم نقابي مقابل، و وُظِّف بنحو تكميلي لباسكِه و بنحو رئيسي في تشكيل إدارات ورئاسات مناهضة لجبهة النضال العمالي "بامِه".
و تنعكس في هذا الوضع برمته الميوعة التي ما زالت سائدة في حيِّز الاشتراكية الديمقراطية. و في هذه الظروف تنتظر كوادر نقابية اشتراكية ديمقراطية تطورات بمعنى إذا ما كان حزب حركة التغيير سيتصدى لسيريزا أو أن سيريزا سيبقى القوة المسيطرة في الاشتراكية الديمقراطية، على الرغم من كل المشاكل التنظيمية التي يُعاني منها حالياً. و ذات الوقت، يتطلع قسم من نقابيي باسكِه إلى حكومة مشتركة مستقبلية محتملة مع حزب الجمهورية الجديدة. و عبر قيام جبهة مواجهة مستمرة، هناك احتمالات معينة لفك انحباس نقابيين من هذه العملية، و هم الذين يقلقون من واقع التعفن السائد ويحاولون التمايز في مواقفهم.
لا يزال فصيل ذاكِه و غيره من القوائم النقابية المعبرة عن حزب الجمهورية الجديدة قوة عاتية في جميع مستويات الحركة النقابية. وفي الواقع فإن له صعوداً ملحوظاً في إ.ع.إ.ع.ق.ع، خاصة في اتحادات التربويين. و على غرار فصيل باسكِه فهو يستخدم"الامكانيات" التي توفرها اتحادات أرباب العمل والدولة البرجوازية ونقابات أرباب العمل الأوروبية. باستخدام البرامج الأوروبية وخاصة أموال معهد العمل التابع للكونفدرالية العامة لعمال اليونان، و قام بنحو مشترك مع قوى من فصيل ذاكِه في مجال موظفي القطاع الخاص، وخاصة في مراكز العمل في شمال اليونان بصياغة آلية مهمة لدمج العمال و لخلق نقابات شكلية حمَّالة أختام تنتج مندوبين مزورين.
تنحسر قوى سيريزا منذ عام 2016 و لاحقاً. و كان لها صعود مؤقت في إ.ع.إ.ع.ق.ع خلال فترة حكمه وقبل ذلك بوقت قصير، بينما تتمظهر قواه في الكونفدرالية العامة لعمال اليونان بنحو أساسي بالتعاون مع جزء صغير انشق عن فصيل باسكِه (إمِّيس). و تًُحافظ على قوى لها في إ.ع.إ.ع.ق.ع على الرغم من انحسارها. و بالتوازي مع ذلك يُنتخب ممثلون لها من خلال المشاركة في قوائم مشتركة مع باسكِه و ذاكِه و بدعم من أرباب العمل، مع أمثلة نموذجية في نقابات عاملي السوبر ماركت وشركات الشحن البحري. تشارك كوادر سيريزا بنحو أكثر نشاطًا في إدارات معهد العمل التابع للكونفدرالية العامة لعمال اليونان وفي الصناديق المهنية لقطاعات مثل صناعة الأدوية والتجارة والشحن البحري، وهي جزء عضوي من آلية شراء ذمم العمال ودمجهم.
هناك انحسار بشكل أساسي في قوى أندارسيِّا كما وفي غيرها مثل مِتا|الوحدة الشعبية، في السنوات الأخيرة، حيث دفعت في المقام الأول ثمن دعمها لسيريزا الحاكم. وفي الكونفدرالية العامة لعمال اليونان و القطاع الخاص بنحو أشمل، لا تزال باعتبارها قوى هامشية، مع قوى ضئيلة في نقابات العلماء العاملين بأجر وعدد قليل من نقابات الشخصيات الاعتبارية الخاصة والتي تنتمي إلى القطاع العام الأوسع. و في مجال قطاع الدولة، حيث تمتلك هذه القوى حضوراً أكثر تنظيماً، فقد اتبعت مسار قوى سيريزا النقابية أي أنها سجلت زيادة طفيفة في فترة الصعود البرلماني والحكومي لسيريزا وتراجعاً في آخر مؤتمرين ﻠ إ.ع.إ.ع.ق.ع. و هي تحتفظ بقوى بنحو رئيسي في نقابات التربويين و المستشفيات.
و تبقى خاصيتها متمثلة في المشاركة في قوائم مشتركة قوى سيريزا، خاصة في نقابات التربويين و أيضاً في مجالات أخرى، بينما تقدم في بعض الحالات سياقات و تكتيكاً مشتركاً للصراع.
و في أي حال، هناك متطلبات جديدة للصراع ضمن إ.ع.إ.ع.ق.ع. حيث ليس تناسب القوى القائم بين القوى الليبرالية البرجوازية والإصلاحية الانتهازية هو ذاته مقارنة مع الكونفدرالية العامة لعمال اليونان ولا يمكن فهم المواجهة الجارية على أنها نسخة لمثيلتها الجارية في القطاع الخاص. حيث عضوي هو ارتباط العاملين بالدولة في إ.ع.إ.م.ق.ع، كما و يتطلب النفوذ الاشتراكي الديمقراطي - الانتهازي المتمظهر مرات كثيرة في قراراتها، خطة جيدة المعالجة في المحتوى و الصراع والمبادرات لمنازلة اﻷوهام الناشئة. و أكثر من ذلك بكثير فوق أرضية تفاقم المشاكل الشعبية بسبب احتدام كل تناقضات و تناحرات نمط الإنتاج الرأسمالي، حيث يضع برنامج الإصلاح بهذا الشكل أم غيره تعزيز الدولة في الاقتصاد حين توجهه نحو موظفي القطاع العام عِبر منطق الجبهة "المناهضة للنيوليبرالية" و "المناهضة لليمين" و "المناهضة للقمع"، حيت يتم تفصيل هذا البرنامج ضمن الحركة من أجل دمج و احتواء أي نزوع جذري متنامٍ.
يتعزز تحكُّم الدولة الخانق بالنقابات
24. يتعمَّق إطار تحكم الدولة بالنقابات العمالية من خلال سلسلة من القوانين، كما جرى أثناء حكم سيريزا فيما يتعلق بتشريعات الإعلان عن الإضراب و من ثم عِبر قوانين حكومة حزب الجمهورية الجديدة المتعلقة بإطار عمل النقابات والتحكم بشرعيتها. يعزز الإطار التشريعي باستمرار تدخل الدولة البرجوازية. حيث ليست النقابات العمالية منظمات بحكم الأمر الواقع من حيث التنظيم والوظيفة (نظامها الداخلي) وفق ما يحدده أعضائها بحرية. بل تخضع للأحكام القانونية الخاصة بالنقابات و التي يتم تشديد صرامتها باستمرار. و تتدخل العدالة البرجوازية من أجل حل غياب إدارة منظمة نقابية من خلال تعيين إدارة مؤقتة، وهي ممارسة تم استخدامها على نطاق واسع في التاريخ المعاصر للحركة النقابية وفي مؤتمر الكونفدرالية العامة لعمال اليونان الأخير، حتى وقت قيام الحكومة بالتدخل عبر قوى القمع لفرض كيفية الانتخاب و ماهية من سيُنتخب.
و تحد اﻷحكام التشريعية الخانقة من نشاط النقابات وتمثيل العمال. فعلى سبيل المثال لا يُعترف بلجان النقابات القطاعية، وبالتالي فهي غير محصنة وفقًا للقانون 1264/82 كذا و انتخاب ممثل للنقابة من موقع العمل. مع الأخذ في الاعتبار أن الشرط المسبق لتأسيس نقابة هو وجود 21 عضواً وأن الغالبية العظمى من الشركات توظف ما يصل إلى 50 عاملاً، إن الغالبية العظمى من العمال ممنوعة في مواقع العمل من وجود ممثلين قانونيين لها. حتى أن تشكيل لجنة الصحة والسلامة المهنية (القانون 1588/85) له حد أدنى لشرط تكوينها و هو وجود 50 عاملاً. إن وجود هذا الحد يناسب السلطة البرجوازية، على أساس واقع الاقتصاد الرأسمالي اليوناني، من أجل استبعاد التمثيل الرسمي للغالبية العظمى من العمال بهذه الأسلوب.
و في ظروف نمو الاقتصاد الرأسمالي ستشعر الدولة و أجهزتها القمعية بمزيد من الاستعداد لدمج النقابات بنحو أعمق ليس فقط في خط التوافق والتعاون الطبقي، بل و أيضاً كجزء من جهاز الدولة. لتحويل النقابات إلى آلية إدارة مشتركة "عادلة - ديمقراطية" لمطالب أرباب العمل، أي آليات بيروقراطية، دون مشاركة حية وفعالة للعمال ودون دور حاسم في تحريكهم. هناك تطور في البلدان الرأسمالية في أوروبا. حيث تشكل قطاعات كبيرة و مناطق صناعية مناطق اقتصادية خاصة مع غياب حضور نقابي.
لقد تحول مستوى هذا التخطيط الآن، كما ينطبع في سلسلة من القوانين. فهو يحول النقابة إلى آلية للوزارة وأرباب العمل. حيث ينص القانون على أن النقابة، حتى لو وصلت إلى مستوى توقيع اتفاق جماعي قطاعي، عليها أن تقدم بالتوازي دراسة اقتصادية - فنية - اكتوارية وستلتزم بأنها على أساس اقتراحاتها لن تضر بالنمو المستديم لشركات القطاع بناء على مقترحاتها. و على هذا النحو تغدو النقابة بموجب القانون أداة تشجيع للتنافسية. حيث تأتي الهجمة على حق الإضراب والقوانين القمعية الجديدة لتضاف إلى هذا الهجوم.
و يتلخص هذا الخط في اتجاه تحويل النقابات إلى "مجالس عمل" بدون إجراءات جماهيرية و إمكانية إعلان إضراب، مع تقييد صياغة أهداف الصراع في حدود المطالب الاقتصادية للشركة. أي تحقيق "أورَبة" النقابات التي يكافحون من أجلها منذ التسعينيات. إن وجود أرباب العمل مع تغلغلهم المباشر في الحركة النقابية يسير على الخطة المذكورة أعلاه. حيث يعد الحضور الفعلي الأقوى و مشاركة أرباب العمل في النقابات العمالية للقطاعات الكبيرة، كالتجارة أو شركات الشحن البحري، عنصراً متميزاً خلال السنوات السابقة.
و في الوقت نفسه و من خلال سن القواعد ومن خلال منظمة تشغيل القوى العاملة تتحكم الدولة بالوضع المالي للنقابات التي تعتمد عليها مالياً. إن لافتقار النقابات إلى الاستقلالية المالية وعدم إسنادها بالمساعدة المالية المباشرة من قبل أعضائها، تأثير حاسم على وجود تلك البنية التحتية المادية الضرورية التي ستدعم وتعزز تدخلها.
و بالتأكيد، ما دام سخط العمال في تعاظم، فلا يستبعد أن تبدأ النقابات ذات الأغلبية الانتهازية الاشتراكية الديموقراطية نضالاً محدوداً ضمن "حدود قدرة تحمل" الاقتصاد. إن الطبقة البرجوازية المتمرسة لا تريد أن ينعزل ممثلوها في النقابات تماماً عن العمال. إن الموضوع هو توجه هؤلاء و بالتالي يجب أن تكون قواتنا مستعدة لمثل هذا الاحتمال.
دور معهد العمل التابع للكونفدرالية العامة لعمال اليونان
25. تقويضية هي مداخلة معهد العمل التابع للكونفدرالية العامة لعمال اليونان. إننا بصدد معهد مرتبط بمؤسسات البحث الخاصة باتحادات أرباب العمل، و غرف الصناعة و التجارة و ما شاكلها، و دوائر الدولة التابعة لوزارة العمل والضمان الاجتماعي. لديه ميزانية بملايين اليورو، ويدير حجماً كبيراً من البرامج الأوروبية، لا سيما برامج التأهيل و التدريب والدراسات وحتى برامج إطار المرجعية الوطني الاستراتيجي. كما و يتعاون مع معاهد النقابات العمالية على مستوى الاتحاد الأوروبي، و مع مؤسسات الاشتراكية الديمقراطية الأوروبية والدولية. حيث هدفه المعلن هو ترسيخ "الشراكة الاجتماعية" ، أي "تعاون الطبقات" ولهذا السبب يوظف أيضاً أكاديمية كوادر (معهد للنقابيين الصفر). و يعرض خيارات غالبية الكونفدرالية العامة لعمال اليونان على أنها موثقة "علمياً" عبر عرض دراسات و بحوث ذات صلة. و يشارك في السياسة المناهضة للعمال ويخططها بنحو مشترك مع منظمات أرباب العمل والحكومات مع الترويج لعمليات إعادة الهيكلة، مما يجعل الكونفدرالية شريكاً في صياغة هذه السياسة.
و في الفترة السابقة للأزمة وقبل صعود سيريزا إلى الحكم، ساهم معهد ليفي للاقتصاد بالتعاون مع معهد العمل التابع للكونفدرالية العامة لعمال اليونان - كما أشهر - "بشكل أساسي في تصميم وتنفيذ برنامج اجتماعي لخلق شواغر عمل في اليونان". إن جوهر الأمر هو "تطبيق" برامج توظيف محددة المدة، ممولة من الصناديق الهيكلية للاتحاد الأوروبي. و بالتوازي مع ذلك، أصبح معهد العمل التابع للكونفدرالية العامة لعمال اليونان مروجاً لتغيير خليطة السياسة مع طرح وصفات كينزية جديدة. و كان قد دعم عام 2015 علانية قبول حزمة الاتحاد الأوروبي و خيار "نعم" في الاستفتاء بنحو مشترك مع اتحادات أرباب العمل. و قدم بنحو مشترك مع أرباب العمل عام 2019 اقتراحاً من أجل "إعادة التنظيم الانتاجي" و "المنافسة الصحية" و إلى قيام "تحالف اجتماعي" بين رابطة الصناعيين اليونانيين و الكونفدرالية العامة لعمال اليونان و غرف الصناعة و التجارة.
و من خلال البرامج - التي يُفترض أنها - تواجه البطالة، قام بإعداد قائمة طويلة جداً من العاطلين عن العمل. كان جانب واحد فقط لاستخدام هذا الأسلوب هو صياغة تناسب قوى في النقابات. و في تطور كل برنامج، قام بتشكيل نقابة لموظفين القطاع الخاص التي كانت تسجل في مركز العمل الجغرافي فقط لا في الاتحاد القطاعي مع إجبار جميع الموظفين على التصويت. وبالتالي هناك نقابات شكلية حمالة أختام لموظفي القطاع الخاص مع الآلاف من الناخبين، فعلى سبيل المثال، قدمت نقابة العاملين في القطاع الخاص في قرية فارسالا في المؤتمر السابق 488 ناخباً.
يتم تمويل برامج معهد العمل التابع للكونفدرالية العامة لعمال اليونان من إطار المرجعية الوطني الاستراتيجي. محتوى هذه البرامج هو تدريب - تأهيل العمال وتثقيف كوادر نقابية قادرة على إدارة قضايا العمال لصالح المجموعات الاقتصادية، على سبيل المثال لإجراء برامج تثقيفية حول موضوع "إدارة الصدامات ضمن الشركات" من قبل كوادر نقابية. إن هدفهم هو أن تغدو المنظمات النقابية آليات قادرة على إدارة مشاكل العاملين لصالح أرباب العمل والدولة، مع وضع معوق أمام أبسط صراع مطلبي.
التشرذم التنظيمي
26. بمسؤولية القوى المسيطرة على الكونفدرالية العامة لعمال اليونان، استمر التشرذم التنظيمي للحركة النقابية العمالية وتشظيها إلى نقابات ثانوية وأولية. خاصة في ظروف العقد الماضي، حيث تكشَّفت المشكلة الخطيرة المتمثلة في وجود العديد من الاتحادات في نفس القطاع (النقل، الطاقة) وحتى في تواجد العديد من المراكز العمالية في المحافظة ذاتها.
تتذرع فصائل الأحزاب البرجوازية النقابية بالوحدة التنظيمية فقط عندما تضمن هذه اندماج العمال والحركة ذات التوجه الطبقي، و ترسخ و تروج للقبول بنظرية المصالح المشتركة للرأسماليين المستغِلين والعمال المستغَلين. و عندما تتشكل الظروف من أجل تحقيق عناصر وحدة العمال على أساس مصالحهم الطبقية، تسعى هذه الفصائل أيضاً إلى اتخاذ تدابير تنظيمية، وإنشاء منظمات جديدة على المستويين الأولي والثانوي. إن ظاهرة التشرذم تشكل استمرارية للتشظي النقابي المهني القديم و خياراً من أجل خلق تناسب قوى مؤآت للقوى الممثلة لأرباب العمل وتفكيك وحدة العمال و وضع عقبات إضافية أمام تطوير الخط المناهض للرأسمالية ضمن النقابات.
صراع من أجل إعادة تنظيم الحركة النقابية العمالية
27. أسهم الحزب الشيوعي اليوناني بنحو حاسم لكي يُبدي جزء كبير من الطبقة العاملة مقاومته و يُظهر عناصر استثنائية من الصمود، حيث أبقى على قيمة المنظمة النقابية الكفاحية على قيد الحياة، و شكل قوى و أعاد تنظيم نقابات و ربى جيلاً جديداً من المناضلين على خط مناهض للرأسمالية و الدولة و آلياتها و لتحالفاتهم الإمبريالية.
و أسهم نشاط الحزب الشيوعي اليوناني هذا خاصة خلال سنوات الأزمة الرأسمالية السابقة، لكي لا تكون حالة تراجع الحركة النقابية العمالية شاملة. حيث كان من الممكن تعميم الوضع الأسوأ للحركة النقابية في أوروبا وفي البلدان الرأسمالية الأخرى في اليونان أيضاً، لو لم يكافحها نشاط الحزب الشيوعي اليوناني وأعضائه وغيرهم من المناضلين في النقابات، مع جبهة النضال العمالي "بامِه" و لم يضع المعوقات أمامها لتشكيل ساتر قوي في وجه هجمة رأس المال الجارية على طول الجبهة و ضد انفلاش الحركة.
و تبقى القائمة التي شكلها الحزب في الكونفدرالية العامة لعمال اليونان على نسبة 20٪ (19.5٪ و 9 مقاعد في المؤتمر الأخير مع الاستبعادات التي حصلت). و في القطاع العام تسجل نظيرتها نسبة مع صعود ملحوظ في مؤتمر أ.ع.أ.ع.أ.ق الرابع على التوالي، حيث بلغت 19٪.
و تمتلك القوى المدعومة من قبل الحزب الأغلبية في 14 اتحاداً و 20 مركزاً عمالياً و له مندوبون منتخبون في 46 اتحاد و 69 مركز عمالي. و لدينا مداخلة في مئات النقابات ويمكننا وضع أهداف وخطط جديدة في كل قطاع لتوسيع بامِه بقوى جديدة.
لقد جمعنا خبرة إيجابية وسلبية هامة في معالجة تكتيكنا، وشكلنا بنية تحتية أيديولوجية وسياسية وتنظيمية حاسمة كحزب وقوة داخل الحركة من أجل خوض المعركة لتغيير الوضع الحالي في منحى تعزيز وحدة الطبقة العاملة و توجهها الطبقي من اجل قيام الهجوم المضاد العمالي الشعبي و قيادة التحالف الاجتماعي في اتجاه مناهض للرأسمالية و للاحتكار.
ومع ذلك، يجب ألا نقلل من أهمية العوامل الموضوعية التي ساهمت في إبعاد أقسام من الطبقة العاملة عن التنظيم و العمل النقابي في توجه طبقي، في ترابط مع مساعي رأس المال من أجل توجيه ضربة أعمق لدور النقابة باعتبارها أدنى شكل تنظيمي للطبقة العاملة. إن من عناصر تقوية الحزب الشيوعي اليوناني هو رفع متطلبات قدرتنا على النشاط، و مواجهة الضغط المتواصل الذي يمارسه تناسب القوى السلبي نحو الاندماج، وكذلك مواجهة الذاتية القائلة بأن تدخل الحزب هو العامل الوحيد من أجل إسقاط هذا التناسب السلبي. و في مواجهة ظروف الصراع الطبقي الجديدة والأكثر صعوبة، التي يتعين علينا مواجهتها، نقوم بفحص وجوه الضعف الموضوعية فيما كنا نستنفذ أم لا الهوامش في نشاط الحزب نفسه.
لقد حددنا المحتوى الرئيسي لإعادة تنظيم الحركة العمالية على أنه إعداد وتطوير قدرتها على النشاط من أجل المواجهة الحاسمة و الناجعة، و ذلك في تحالف مع القطاعات الشعبية للعاملين لحسابهم الخاص في المدينة والريف، ضد استراتيجية رأس المال المعالجة بنحو موحد و ضد السلطة البرجوازية. يجب أن تشغلنا في المؤتمر اﻠ21 مسألة مطابقة العمل مع مهمة إعادة التنظيم ذات الأهمية الاستراتيجية.
على الرغم من الخطوات التي تم اتخاذها لفهم الحاجة إلى العمل داخل الطبقة العاملة وحركتها النقابية، لا يوجد استقرار في إيجاد و تطبيق خطة متكاملة لتنظيم و تحريك جماهير عمالية شعبية و لوظيفة وعمل المنظمات النقابية و إنشاء نقابات جديدة و تغيير تناسب القوى على المستوى المحلي و على مستوى المحافظة والمدينة والقرية، لكي نسجل خطى و نحقق نتائج و نقوم بإجراء التصحيحات حيثما هناك حاجة.
و في الوقت نفسه، لم يتم تأمين رؤية موحدة للمسألة التالية: "يعمل الحزب الشيوعي بشكل مستقل و ضمن الحركة". إن عنصر عملنا هذا، ينبثق من واقعة أن الحزب الشيوعي نفسه هو صيغة التعبير الأعلى والواعية عن الحركة العمالية، و غالباً ما يظهر ذلك كواجبين لا يمكن الجمع بينهما في الممارسة، أو يجري فصل تام للعمل النقابي عن العمل الحزبي السياسي أو مطابقتهما. و تبقى المشاكل في كيفية الفهم العملي لعلاقة الحزب مع المنظمات النقابية. و تغدو هذه المشكلات أكثر تعقيداً في ظروف تراجع الحركة، مما يحرمنا من إمكانات زخم اكبر لنشاطنا، و هي بالتوازي، لا تخلق ظروفاً أكثر ملاءمة للبناء الحزبي الذي هو عامل رئيسي في صعود الحركة العمالية.
استنتاجات من النضالات والمحاولات المبذولة لخلق بؤر مقاومة و مطالبة طليعية في مواقع العمل
28. خضنا في الفترة المنقضية منذ المؤتمر اﻠ20 معارك هامة في ظروف احتوت تطورات سريعة في الاقتصاد الرأسمالي وليس حصراً. حيث أعقب الأزمة الرأسمالية انتعاش هزيل، تلاه وقوع أزمة رأسمالية جديدة في ظروف الوباء، مما خلق موضوعياً متطلبات جديدة في الصراع و في تدخلنا ضمن الحركة العمالية النقابية. لقد سعينا في الفترة الفاصلة إلى توضيح خاصية التطورات بنحو ناجز و صائب، و لتعزيز عناصر الصراع في كل مرحلة، لمعالجة التكتيكات والشعارات وأطر الصراع. و قد مكننا ذلك من حيازة المبادرة و العمل الطليعي. لكننا رأينا أن مضمون المواجهة وهذا التوجه لا يُستوعبان من قبل سائر القوى الحزبية بنحو ناجز. ومع ذلك، فقد تم اكتساب خبرة غنية عن كيفية احتدام الصراع مع استراتيجية رأس المال وكيفية استجابة الهيئات الإرشادية والمجموعات الحزبية.
و لم تكن بقليلة الحالات التي شجعت فيها مجموعات اقتصادية و حتى بلا ذريعة قيام "تحركات عمالية" و وضعت موظفيها درعا لها بهدف مطالبة الحكومة بمزيد من الدعم في مواجهة منافسيها مع استغلال خوف العمال الموجود من التسريح، في حال عدم تلقي المجموعة الاقتصادية للدعم. و في مثل هذه الظروف، يكون التلاعب بالعمال والضغط الممارس عليهم عظيمين للغاية. حيث تضغط بنحو لا يطاق المسألة "الفورية" القائلة: ما مصير وظائفهم و مستحقاتهم من الأجور و مستقبلهم الغامض في ظروف ارتفاع معدلات البطالة. حيث يجب أن يسبق ذلك قيام تدخل أيديولوجي وسياسي شديد و خبرة نضالات، حتى يتمكن العمال من الصمود و طرح مطالبهم وعدم الانصياع لرغبات أرباب العمل.
و بنحو منهجي تستغل خطط استثمارية كبيرة تصطدم ضمنها احتكارات، تحركات شعبية جارية من أجل مشاكل قائمة، سعياً للترويج لمصالحها الخاصة، و لإعاقة تخطيط منافسيها، في ميناء بيرياس والموانئ الأخرى. غالباً ما تقود صدامات الاحتكارات إلى توافقات مربحة، ولكنها مؤلمة لحقوق العمال و نوعية حياة السكان. إن قوى الإصلاحية الانتهازية تخدم باستمرار مثل هذه التطلعات وتضلل الصراع الطبقي، عبر دمجه في الخطط البرجوازية وفي إطار النضال الذي خاضته في الحركة النقابية ، من أجل جرها للإنضواء تحت راية المصالح الاقتصادية. حيث استدعى الصراع من أجل عدم حبس العمال في هذا الطرح أم سواه من طروحات رأس المال، قيام إعداد مناسب لإطار صراع أكثر تقدماً، كالجمع بين المطالب الخاصة بجميع عمال ميناء بيرياس ضد الهجمة المتصاعدة، عبر مطالب تسند شعار: "ميناء هو ملكية شعبية" و توجيه للصراع في منحى تحقيق ذلك واقعاًَ.
تُشهر الأحزاب البرجوازية والانتهازية وقوى نقابيي أرباب العمل والحكومة، شعار "إعادة البناء الإنتاجي" في سياق مجموعة متنوعة من البرامج. إن "إعادة البناء الإنتاجي" هي متطابقة في الواقع مع هدف الانتعاش الرأسمالي وتغيير "النموذج الإنتاجي"، على الرغم من تمويهها من وقت لآخر بشعارات تبدو جذرية. فعلى سبيل المثال فهي تروج اليوم "للنمو الأخضر" و تُشهر أهدافًا مثل "إلغاء الليغنيت" باسم "تغير المناخ". إننا بصدد أهداف صراع تطرح ضمن الحركة لتُستخدم من أجل حصر العمال ضمن نسخ مختلفة للسياسة البرجوازية.
و تعرض الكونفدرالية العامة لعمال اليونان واتحادات كبيرة لنقابيي أرباب العمل و الحكومة، إطاراً شاملاً للتخصص في الاتجاهات الاستراتيجية لرأس المال، و هو مكمل في بعض الحالات و أكثر تخصصاً من "خطة بيساريذيس" مع إعادة إنتاج أوهام قائلة بأن النمو الرأسمالي قادر على فائدة أرباب العمل و العمال.
سيكون إبراز طريقي التنمية القائمين إما لصالح رأس المال أو لصالح الشعب، هو خط المواجهة الأساسي في الفترة التالية ضمن الحركة النقابية، مع تعبيره المتمظهر في كل قطاع. و مع التركيز على القطاعات ذات الأهمية الاستراتيجية سيكون من المطلوب قيام نشاط أكثر استقراراً واستمراراً وتخطيطاً في كل قطاع، مع تخصيص خط النشاط وفق موقع العمل و النقابة بهدف حشد قوى، وتغيير تناسب القوى القائم وبناء منظمات حزبية متينة.
و يتأكد في أي حال أن من المطلوب قيام عمل أيديولوجي - سياسي و تنظيمي أرفع ضمن الحزب مع معالجة مستمرة للصراع السياسي الأيديولوجي ضمن خطوط الحركة، ضد القوى السياسية البرجوازية و أرباب العمل و الدولة و إجمالاً ضد استراتيجية رأس المال و الانتهازية أيضاً. و مع تشديد العمل الأيديولوجي والسياسي وتطوير قدرة الشيوعيين على التخصص في كل حركة حسب الموقع أو الفرع أو ما إلى ذلك، بالإمكان الترويج لتنظيم العمال و حشدهم و تنويرهم، إن صعود النفوذ السياسي للحزب الشيوعي اليوناني داخل الطبقة العاملة، وهو عامل حاسم من أجل تجذير الوعي، و صعود العمل السياسي الطبقي للعمال، و هو الذي سيطرح موضوع قيام انقلابات جذرية على مستوى السلطة.
29. مع تواجد الحركة في انحسار و هجمة الطبقة البرجوازية الجارية، فتتعزز محاولة تنظيم الصراع، وصياغة المطالب والاستحقاقات، و هو ما يتطلب دراسة مستمرة و تواصلاً حيوياً مع مواقع العمل و إجراء تعديلات ضرورية للكشف عن مخططات رأس المال وحكوماته و عن مآزق النظام الرأسمالي، والاستفادة من كل فرصة تنشأ لحشد العمال و توحيدهم و إيلاجهم في النضال الجماعي. إننا نركز على الهدف المتمثل في جعل المنظمة النقابية الأساسية أداة صراع كفؤ للعمال، وسلاحاً لتقوية تنظيم الطبقة العاملة، وموقفها النضالي من أجل المطالبة بحقوقها كإحدى مقدمات توجيه النضال ضد رأس المال و سلطته في ترابط مع تأثير الأفكار الشيوعية ولكن أيضاً مع التطورات العامة التي ستحدد مآل الصراع الطبقي.
و من الضروري في المرحلة الحالية أن يعتبر كتوجه إرشادي، أن تشكيل الأطر المطلبية يتطلب تغلغلاً عميقاً داخل الطبقة العاملة و في وضعها الحالي و في حاجاتها و مشاكلها، دون الاندماج أو الاحتواء ضمنها، مع احتساب مستوى الخبرة المسجلة في كل مكان في القطاع الانتاجي و موقع العمل. إننا نتصدر تنظيم نضال الطبقة العاملة، كمقدمة للتواصل معها و لصياغة المطالب مع العمال أنفسهم، وهو عنصر من عناصر التربية الكفاحية و تطعيم الطبقة بضرورة استحقاقها لجميع حاجاتها و مطالبها. لا سيما في الوضع الحالي، حيث هناك مشاكل ضخمة وحادة للعمال في كل موقع عمل و قطاع. هناك مواقع و قطاعات عمل ذات أجور منخفضة للغاية، و وقت عمل غير مدفوع الأجر و مطاطي، وما إلى ذلك، ولكن هناك مواقع وفروع أخرى تظهر فيها المشاكل بنحو آخر، وليس بشكل مفرط. وفي الوقت نفسه، إن مشاكل العمال لا تتحدد بنحو حصري من خلال مستوى الراتب، ولكن أيضاً من خلال السياسة الأشمل للضمان الاجتماعي والصحة والتعليم وما إلى ذلك. إننا مدركون أن إطار الصراع من أجل تلبية الحاجات المعاصرة لا يُعتمد عند طرحه منذ البداية من قبل جميع النقابات والعمال، و ذلك لأن كل قسم من الطبقة العاملة يتأثر موضوعياً و في المقام الأول بالوضع الذي يعيشه في موقع عمله و قطاعه. علينا و بحزم أن نتجاوز عادة التوجه للعمال بكلام عمومي أو بشعارات أو أن نحصر مداخلتنا ضمن الحدود التي يفرضها تناسب القوى السلبي ضمن الحركة أو ضمن تحرك ما.
إن صعود درجة تنظيم الطبقة العاملة هو نتيجة لترابط عديد من العوامل، مع أهمية حاسمة لمداخلة الحزب. إن الغياب عن الصراع هو أرض خصبة للإنهزامية، بينما تصوغ المشاركة مقدمات للخبرة الكفاحية و للثقة بالنفس.
و على وجه الخصوص، يتطور بنحو موضوعي النضال ضد علاقات العمل المطاطية بكل تنوعها الرجعي، إلى مواجهة مع خيار استراتيجي لرأس المال، والذي يتم الترويج له بتدرجات في جميع القطاعات باعتباره اتجاهاً عاماً، و هو الذي سوف يسود حتى وقوع الانقلابات الثورية. هو مجال للمواجهة يمكن و بتدخل من الشيوعيين أن يرسخ استنتاجات أشمل حول نظام الاستغلال، و حول المكان الذي يجب أن توجه الحركة نيرانها ضده.
إن المطالبة بزيادة الأجور والرواتب، وتوقيع عقود عمل جماعية، والمطالبة بوقت عمل ثابت وإلغاء العمل الإضافي وتقليل ساعات العمل، هي مطالب حيوية تتعارض مع جوهر الإصلاحات البرجوازية، بينما تشكل الحاجات الشاملة للأسرة الشعبية، في الوقت ذاته خط الحشد و تعزيز الصراع و المواجهة مع استراتيجية رأس المال. هذه مطالب طبقية يمكن أن تؤدي إلى صعود الصراع إلى تحسين التنظيم، بشرط أن نقوم بمعالجتها بنحو صحيح لا آلي، بل مع مراعاة جميع العوامل، في سياق الصراع الجاري داخل الحركة النقابية. إننا نعمل مع الثقة بأن صعود الصراع الطبقي وإعادة التنظيم قادران على منح بعض المكاسب المباشرة بدرجة أو بأخرى. حيث سنستفيد من الصراع وأي مكاسب محققة لكي تدرك الطبقة العاملة الحاجة إلى انقلابات جذرية.
30. لقد عالجنا بنحو صحيح كحزب إطار الحاجات المعاصرة للأسرة العمالية الشعبية و أسهمنا في تطعيم الحركة به، وهي مسألة تم التركيز عليها في المؤتمر اﻠ20 للحزب. إن الحاجات المعاصرة تتعلق بجميع جوانب الحياة (الراتب، وظروف العمل، والصحة، والتعليم، والسكن والترفيه، والإجازات، واستخدام التقنيات الجديدة للإنسان، وما شاكلها). إننا نأخذ في الاعتبار أن الوعي الاجتماعي يُصاغ أيضاً من خلال المسائل التي يطرحها النظام السياسي البرجوازي، كالحقوق الفردية والنظريات غير العقلانية لـ "النوع الاجتماعي" و غيرها. و هي كلها مسائل تتعلق بالحركة العمالية الشعبية، ولها تأثير على الأعمار الأصغر. إن إبراز كل الحاجات المعاصرة يمكّن من تعزيز المطلبية، وتوجيه الصراع ضد الأسباب الحقيقية و نحو إظهار حدود النظام الرأسمالي، و إضاءة إمكانيات و شروط إرضائها. إننا نسعى لجعل هذا قضية الطبقة العاملة والقوى الاجتماعية الأخرى الحليفة. و بالتأكيد، فإن تبنيها لن يكون فصلاً واحداً. سيتم تبني ذرى الحاجات وسيتم تصعيدها، وستكون هناك انتكاسات وفق مسار الصراع الطبقي. إن المطالبة الكاملة به ستتحقق في مسار الصراع الطبقي، و مسار تحسن أوضح في تناسب القوى ضمن الصراع السياسي، و مسار زعزعة السلطة البرجوازية، وبالتأكيد في ظروف صعود ثوري. إن الإرضاء النهائي للحاجات الاجتماعية المعاصرة المتوسعة باستمرار هو مسألة السلطة الثورية و البناء الاشتراكي الشيوعي.
31. لقد عالجنا و حدَّثنا أهدافاً من أجل جبهات صراع هامة، في مسألة الرواتب و عقود العمل الجماعية و نظام الضمان الاجتماعي و مسائل الصحة والسلامة في مواقع العمل و في العلاقات المرنة و العقود محددة المدة و برامج إعادة تدوير البطالة في القطاع العام و الحد الأدنى للرواتب و ضد عمليات خصخصة وحدات الإنتاج الكبيرة، كمؤسسة الكهرباء العامة و شركة لاركو و ما شاكلها.
حاولنا دمج الصراع لمواجهة المشاكل المتفاقمة في الشركات والقطاعات (الخصخصة، تسريح العمال، المتأخرات عن الدفع و غيرها، إلخ) ضمن النضال الأشمل من أجل حقوق العمال والشرائح الوسطى الشعبية.
و في عدد من القطاعات، حيث كانت لنا إمكانيات أفضل من حيث تواجد قوانا، وتنظيمها، وخبرتها و وجود مداخلة أكثر استقراراً، كان لدينا أيضاً بعض النتائج (عمال حوض بناء السفن، عمال البناء، و عمال شركات القطاع المالي، مثل "Mellon" و " First Data " و غيرها). وتتعلق النتائج أيضاً بكسر التقهقر المطلبي المتواصل، و برفع النضال المطلبي و إعادة إحياء و تنظيم و ترسيخ نقابات أولية. إن معالجة عقود عمل قطاعية في بعض القطاعات، حيث توجد قوى حزبية ونقابات، مثل قطاع الاتصالات والائتمان المالي، كانت ذات تأثير جزئي على تحسين مشاركة العمال الشباب، وخاصة النساء، مما يؤكد أن باستطاعتنا جذب شباب ليسوا ذوي خبرة في النضالات الاجتماعية، نحو المشاركة في الصراع. لم يتم تعميم تدخلنا ومبادرتنا في اتجاه تطوير النقابات لنضالات كهذه، خارج النقابات الكبيرة التي تعمل بشكل رئيسي في محافظة أتيكي. إن قيام تدخل و تطوير كهذا ليس بجبهة سهلة، ولا يضمن بالضرورة تصعيداً. لقد تكونت حالة جديدة. حيث يتزايد عدد الشباب الذين يعملون دون أن يعاصروا عقد عمل جماعي و حقوق أخرى للأجيال السابقة ويشكلون الغالبية العظمى. و كقاعدة عامة، يعتمد مستوى و أسلوب الأجر على تنوع هائل قائم لعلاقات العمل المرنة، حيث تسود عقود العمل الفردية.
و في هذه الحالة الموضوعية واجهنا الشكليات و الاحتباس ضمن مطالب قديمة. و لاقى التعديل اللازم صعوبة في الفهم، فالوضع السلبي العام ونقاط ضعفنا لم يسمحا لنا بتنظيم النضال على مستوى قطاعي بثبات والاستفادة من مبادرة حشد 530 نقابة على مطلب توقيع عقد عمل جماعي على المستوى الوطني و زيادة الرواتب.
و في مسائل التوجه و تخصيص إطار الصراع، ينبغي أن تصر الهيئات الإرشادية و المجموعات الحزبية أيضاً على العمل في قطاعات معينة من الطبقة العاملة، كالنساء والمهاجرين والوردية الجديدة للعمال و التلمذة الصناعية و التأهيل، من أجل صعود أكثر حسماً لمشاركة هذه القطاعات في النقابات، ولكن أيضاً من أجل ترقية كوادر نقابية لاسيما من صفوف النساء والمهاجرين، أي في المجالات الحرجة التي نتأخر بها.
و في المقابل شغلتنا في تدخلنا أيضاً مسائل إرشادية في مشاكل أخرى متعلقة بكل القوى العمالية والشعبية، مثل الضمان الاجتماعي، وجبهة الصحة. لقد قمنا قبل الوباء، ولكن أيضاً أثنائه بفتح موضوع حالة نظام الصحة العامة، والمطالبات الخاصة بالمستشفيات والرعاية الصحية الأولية. جرت محاولة لتطوير تحركات أسهمت في تغيير تناسب القوى القائم في نقابات وحدات الصحة العامة الكبيرة، و اتحاد أطباء المستشفيات، ولكن أيضاً من أجل تنسيق النقابات العمالية وهيئات العاملين لحسابهم الخاص، وجمعيات الاتحاد النسائي اليوناني و جمعيات المزارعين. ومع ذلك، في بعض حالات التحركات، خاصة في الأحياء التي بها مراكز صحية أو غيرها من هياكل الرعاية الصحية الأولية، التي لم يكن بها أطباء وممرضات وبنى تحتية، وما إلى ذلك، لم نتجنب خطأ النقل الميكانيكي لموقف الحزب حول الرعاية الصحية الأولية مع وضع شرط اعتماد مجلس إدارة النقابات ضرورة قيام انقلابات اجتماعية وسياسية جذرية على مستوى السلطة ترسخ حق الشعب في خدمات الصحة. وهكذا ألغيت في الممارسة محاولة الحشد القصوى لحوامل الحركة الجماهيرية في المنطقة.
32. و في بعض الحالات هناك رؤية تُطابقُ عرض الشيوعيين لمواقف الحزب مع أمر تشكيل إطار للصراع، دون أي تفصيل أو تصعيد، و ذلك نظراً للاعتقاد أن هذا يحمينا أثناء تدخلنا من أجل مشاكل محتدة، تتواجد مبادرتها في أيدي قوى سياسية أخرى، لا سيما الاشتراكية الديمقراطية والانتهازية. و بالتأكيد، فإن الجمع بين تكوين إطارات للصراع و خوض الصراع داخل الحركة هو ذي متطلبات كبيرة. إنه يتطلب مراقبة جيدة للتطورات، ومعرفة بالمشاكل، و معالجة الحجج التي تبرز أسبابها وتسهم في حشد القوى العمالية الشعبية في نضال صدام مع استراتيجية رأس المال وسياسات الحكومات البرجوازية.
إن مسألة حاسمة بالنسبة لمداخلتنا هو الاستيعاب والتعبير في الممارسة العملية عن أن مسألة عمل الشيوعيين والصراع مع تأثير القوى البرجوازية في الحركة، والصراع مع أرباب العمل بعينهم، و مختلف آليات الدولة التي تتدخل بنحو مخطط داخل الحركة، ليس بأمر أقل تطلباً من النشاط الأيديولوجي السياسي المستقل. بل على العكس، فهو أكثر تعقيداً، لا سيما في ظروف التناسب السلبي للغاية للقوى، و تراجع جماهيرية النقابات و التسرب من النضال و النزوع نحو المحافظة. و أن يُفهم و بعمق أن الصراع داخل خطوط الحركة لا يمكن أن يتم عن طريق النقل الميكانيكي أو بمجرد نسخ الدعاية الحزبية المركزية، و المبادرات السياسية المركزية أو المحلية للحزب. تتكون النقابات العمالية من عمال و عاملات ذوي درجات مختلفة من الوعي الطبقي و ذوي تجارب و نشاطات نقابية مختلفة، و هي التي تتمظهر في رؤى وتأثيرات إيديولوجية - سياسية مختلفة، بينما يتمحور النضال النقابي بطبيعته حول شروط بيع قوة العمل، و فقط بتدخل من الشيوعيين بإمكان النقابات السير في طريق الصراع ضد الاحتكار والرأسمالية.
إن كوادر وأعضاء الحزب الناشطين ضمن صفوف الحركة النقابية، مدينون في عملهم الطليعي بامتلاك القدرة على خوض الصراع الأيديولوجي بنحو حي و وفق شروط حركة جماهيرية، و أن يتوجهوا إلى قوى عمالية يصعب تخليصها من رؤى برجوازية ليبرالية و اشتراكية ديمقراطية و انتهازية راسخة. يجب أن يطوروا قدرتهم على احتساب جماهير الطبقة العاملة التي لا تشارك و المحبطة و غير المبالية و المنغلقة على الحل الفردي، لكي يكافحوا العوامل التي تعطلها. إننا نسعى لكي يدعم الصراع داخل النقابات العمالية معايير اختيار المطالب، و يكشف آلية الاستغلال، و أن يُثري و يعمق طابع الصراع المناهض للرأسمالية والاحتكار، و يُسهم في تنظيم و مشاركة العمال الفاعلة، و أن يواجه -بقدر اعتماد ذلك على أعضاء الحزب و كوادره- التأثير الإصلاحي الحكومي أو النقابي و الانتهازي. إن مداخلتنا تصوب على الخصم الطبقي وليس فقط على الحكومة البرجوازية المعنية، لتنمية الحاجة إلى توسيع النضال من أجل حقوق و حاجات أوسع، من أجل تشكيل جبهات صراع مختلفة (الصحة، التعليم، إلخ). و من أجل إبراز شروط و مقدمات المقاومة والهجوم المضاد في وجه استراتيجية رأس المال المفصَّلة، و إلقاء الضوء على إمكانيات إرضاء الحاجات الشعبية المتزايدة.
تتمثل المشكلة المركزية في العمل الإرشادي للهيئات في كيفية استخدام الأسلحة الإيديولوجية والإمدادات التي خلقها الحزب، لأن المشاكل التي نواجهها تتعلق بفجوات، و نقص استيعاب مواقف أيديولوجية جادة ومعالجات للحزب، و بصعوبات تفصيل سياسة الحزب في كل قطاع و موقع عمل. و في هذا الاتجاه، ستسهم الدراسة المستمرة وتعميم الخبرة بنحو حاسم في كيفية ممارسة عملنا وفق خط الحزب ومواقفه.
33. تواجَدنا خلال فترة الوباء في وضع غير مسبوق، حيث كان يجب أن يستمر عمل الحزب داخل الطبقة العاملة و أن يُخطَّط لرد الحركة العمالية على السياسة البرجوازية، التي تضحي بالحاجات الاجتماعية لضمان وظيفة النظام الرأسمالي، و ربحية المجموعات الإقتصادية. إن الخبرة المكتسبة من تصعيد محتوى وأشكال الصراع في ظروف القيود المفروضة على الحركة، و ظروف الخوف والمعوقات أمام الصراع السياسي الجماهيري، هي حاسمة من أجل المواصلة. و ذلك اعتباراً من التجمع الأول الذي أقامه الأطباء وقتئذٍ إلى تجمع الأول من أيار|مايو و ثم الإضراب العام الأول في تشرين الثاني|نوفمبر ضمن ظروف الوباء، كان هناك حجم كبير من العمل للإنجاز مع صياغة للأهداف والمطالب و إثراء مستمر و تصعيد لأشكال الصراع و الدعاية.
تُظهر الخبرة المتراكمة التي جمعناها من التحركات أن من المهم جداً بالنسبة للحزب، امتلاك المبادرة من خلال نشاط كوادره وأعضائه، و ذلك ليس فقط في إبراز المسائل بل و أيضاً في قيام مداخلته الجماعية بين العمال، من أجل وضع أساس أولي من أجل المطالب و الخطة و التوجه الصائب، بمعزل عن البعد الذي ستتخذه. هذا و ينبغي على المساعدة الإرشادية تشجيع قيام المبادرة من الأسفل، و عنصر المعرفة الجيدة للوضع في كل مجال، دون التقليل من شأن أي مشكلة التي من الممكن أن تطفح بالكيل كل مرة، لكي يُطوَّر النشاط فوراً هناك حيث يتفاقم الوضع. و على وجه الخصوص، مطلوب هو الاستعداد المستمر من أجل تدخلات بشأن المشاكل الناجمة عن الوضع السياسي العام، كتلك الناجمة عن الوباء. و في مثل هذه الحالات قد تكون هناك بعض النتائج المباشرة للنضالات، خاصة في صعود الوعي السياسي الطبقي.
و عندما تتشكل ظروف لقيام تحرك أصغر أو اكبر حول مشاكل حادة، يتصدره أعضاء الحزب و يتدخلون، حتى عندما يتم تطوير التحرك من قبل منظمات و تجمعات لا نمتلك ضمنها الأغلبية أو ليس لنا مندوب ضمنها. حيث نقوم بشكل جماعي و محدد بدراسة شكل وتصعيد مداخلتنا. يتعلق هذا أيضاً بموقفنا من تحركات نراها ضرورية، في تجمعات إضرابية لقطاعات تنظمها الاتحادات وأكثر من ذلك وقت تنظيمها من قبل نقابات أولية، لكي يتدخل فيها الشيوعيون مع أتباع الحزب والنقابيين المنضوين ضمن بامِه عبر المشاركة في تكتلات نقاباتهم. و من الخطأ في مثل هذه المسائل التكتيكية قيام أي نقل للصيغ أو نسخ المسائل بنحو خاطئ، حيث يتم الحكم على الفصل في مكان وزمان التحرك المعني.
لدينا الإمكانية ومن الضروري أن نقيِّم بنحو ناجز و موضوعي أمزجة الجماهير، لكي يتدخل الشيوعيون بنحو مخطط و منظم كطليعة من ناحية المضمون و الاتجاه و أشكال التنظيم والصراع، مع تصدرهم العمليات الجماعية الجماهيرية للحركة، و مع إبداء الحذر و المرونة أثناء التوسع دون إضعاف عنصر اليقظة والصراع الأيديولوجي والسياسي.
عنصر حاسم لإعادة التنظيم هو مسار بامِه وتوسيع نطاق النقابات التي تحشدها
34. لقد ثبت أن تأسيس و نشاط بامِه طوال هذه السنوات كان قراراً ذي أهمية كبيرة. حيث تأسست الجبهة بمبادرة من الشيوعيين الذين يطورون نشاطاً طليعياً في الحركة النقابية، وهي عبارة عن تجمع طبقي لاتحادات و مراكز عمالية و نقابات و نقابيين في صراع ضمن اتجاه مناهض للرأسمالية و الاحتكار، و تشكل مكسبا كبيراً للحركة وفق تقديرنا المسجَّل في المؤتمر اﻟ20.
إن تطور مسارها ونطاقها مهم. فقد أصبحت نقطة مرجعية تعبر عن ضرورة إعادة التنظيم والهجوم المضاد للحركة النقابية العمالية، و عن ضرورة وجود قطب طبقي متميز في صراع مع نقابيي أرباب العمل والحكومة و خط التيار الانتهازي.
و عند تأسيسها عام 1999 حضر في اجتماع نقابيين أجري في استاد السلام والصداقة تمثيل 230 نقابة أولية و 18 منظمة ثانوية واتحاد ومركز عمالي.
و تضم بامِه اليوم بعد مؤتمرها الرابع المنعقد على المستوى الوطني عام 2016، 335 نقابة أولية و 25 منظمة ثانوية (9 اتحادات و 16 مركز عمالي). ومع ذلك، لا ينبغي أن يخلق هذا المسار الإيجابي أي اطمئنان، لأن هذا لا ينفي واقع تراجع جماهيرية النقابات والمشاكل المتواجدة في وظيفتها و نشاطها.
هذا و أنجزت خلال السنوات الماضية خطوات جادة لمواجهة رؤى و عادات و ظواهر تكتلية عفا عليها الزمن، مع توضيح خاصية بامِه في المقام الأول لدى القوى الحزبية، باعتبارها جبهة حشد لنقابات و نقابيين على المستوى الوطني على أساس إطار صراع تمت صياغته و يجري إثرائه وفق التطورات. هناك خبرة غنية ولكن المطلوب هو وجود توجه مستقر في جميع الهيئات الإرشادية و المنظمات الحزبية القاعدية و المجموعات الحزبية، لمواجهة الأخطاء والترددات والتأخيرات التي تحاصر الزخم الموجود نظراً لوضع الحركة العمالية النقابية ذاتها.
و على الرغم من حل مسائل تنظيمية مثل تحديد موقع إنشاء الأمانات المحلية للجبهة وما إذا كان سيتم تشكيلها، وأنها ليست بديلاً عن النقابات، فلا تزال هناك مشاكل في وجود و وظيفة الأمانات القطاعية التي تم إنشاؤها في السنوات السابقة. بإمكاننا اليوم مواجهة مثل هذه المشاكل بنحو أفضل.
إن مسؤولية كوادر و أعضاء الحزب الشيوعي اليوناني المنتخبين في هيئات النقابات العمالية و الناشطين فيها، تعزيز دور هذه النقابات المنضوية ضمن بامِه، من أجل ترسيخ و توسيع الجبهة باعتبارها تجمعاً طبقياً في الحركة النقابية وفق شروط عمليات جماعية، بمشاركة فاعلة من العاملين على ألا تقتصر على الإطار الخانق الذي تفرضه سيطرة الدولة على العمل الجماهيري. من أجل ضمان وظيفة و نشاط النقابات و لإنضاج و تأكيد انضمامها إلى بامِه من خلال نشاطنا الخاص و لتعميق اتفاقها مع خط الصراع في توجه مناهض للرأسمالية.
و يجب أن نأخذ في الاعتبار، واقعة وجود آراء مختلفة وبالطبع خلافات و مواقف مسبقة و التباسات لدى جميع أعضاء النقابة التي اتخذت قراراً جماعياً بالمشاركة في بامِه. و ذلك حتى هناك حيث يمتلك الشيوعيون موقع الأغلبية أو القوة الأولى، فليس من الصواب تفسير ذلك كوجود اتفاق كامل مع إطار و خط بامِه، و حتى لو كان النظام الداخلي للنقابة يعترف بمبدأ الصراع الطبقي ويقبل إلغاء الاستغلال باعتباره هدفاً معلناً له.
ضروري هو عمل الشيوعيين من أجل معالجة المواقف والشعارات في كل قطاع، في كل نقابة، و من أجل صياغة المطالب والحجج المناسبة وإطار الصراع و تخطيط النشاط، واختيار الأشكال المناسبة للصراع، أيضاً داخل النقابات المشاركة في بامِه. و هناك متطلبات أكبر في النقابات التي لا تنضوي ضمن بامِه، كما و في منظمات نقابية يشكل الشيوعيون أقلية بها أو ليس لديهم ممثلون وأكثر من ذلك بكثير في مواقع عمل ليس لها تمثيل نقابي. و ذلك من اجل إدراك وفصل النقد الممارس تجاه آراء العمال، عن النقد الممارس ضد قيادات نقابيي أرباب العمل و الحكومة أو حتى ضد خط القوى الانتهازية، لأنك في الحالة الأولى لا تتوجه نحو الخصم الطبقي، بل إلى عمال و عاملات لهم مصلحة في الصدام مع الرأسماليين و دولتهم و في الكفاح معنا من أجل إسقاط الرأسمالية.
ضروري بعد انقضاء 21 عاماً على تأسيس بامِه هو الاستمرار عبر مبادرات جديدة ذات أهداف و خطة، بنحو مركزي و على مستوى القطاعات، لكي نغدو و باضطراد أكثر قدرة من خلال العمل في الحركة النقابية العمالية، و لنسهم في جعل بامِه الحامل الرئيسي للحركة لتعبر عن قطاعات أوسع من الطبقة العاملة. أي لتتوسع عبر معارك لحيازة أغلبيات في نقابات جديدة و اتحادات و مراكز عمالية، مع خطة لإكساب النقابات طابعا جماهيريا و تأسيس نقابات جديدة، وتنظيم جماهير جديدة من الطبقة العاملة، وتعزيز نفوذ الجبهة بنحو أبعد مع جذب نقابات- لا يمتلك أغلبيتها الشيوعيون- نحو الكفاح المشترك. على أن يكون كل هذا في ترابط مع قيام التدخل الأيديولوجي السياسي للشيوعيين في موقع العمل و فرداً فرداً من أجل كسب قطاعات الطبقة العاملة بثبات مع سياسة الحزب الشيوعي اليوناني و فكاكها من الأيديولوجيا والسياسة المسيطرتين.
إن فهم هذه المسألة هو شرط لمواجهة خطر قائم، و هو وجود تهاون وتوافق في الهيئات الإرشادية و المجموعات الحزبية، تحت وطأة تراجع الحركة من أجل قيام خطوات صغيرة جداً في جمهرة النقابات و توسيع بامِه بانضمام نقابات جديدة.
35. اتخذت النقابات العمالية المشاركة في بامِه مبادرات أدت إلى قيام نشاط مشترك مع نقابات أخرى غير منضوية ضمنها، حول جبهات كبيرة للصراع، و هي واقعة أظهرت إمكانيات جديدة. و في إجمال المبادرات المتخذة، كان عدد النقابات من خارج بامِه التي قررت المشاركة في نشاط مشترك، 165 نقابة . هذا و وصل التنسيق الكفاحي إلى نقطة إجراء إضرابات عامة أربع مرات في السنوات الأخيرة، بقرارات نقابات و منظمات نقابية من الدرجة الثانية، مع التغلُّب على الموقف التقويضي السافر لكسر الإضراب من جانب أغلبية إدارة الكونفدرالية العامة لعمال اليونان. حيث تشكِّل هذه المحاولة و النشاط المشترك مع التجمعات الجذرية ضمن حركات المزارعين و العاملين لحسابهم الخاص و النساء و الشباب، عامل إيقاظ وضغط على النقابات العمالية التي تعارض فيها غالبية القوى ضرورة التوجه الطبقي أو لا تفهمها.
إن استمرار وجود طيف من نقابات و حوامل جماهيرية حول بامِه (دون أن تنضوي ضمنها) و الحفاظ عليه عبر قيام عمليات جماهيرية و صراع و محاولة مستمرة، و تخطيط حسب القطاع والمنطقة، هو أمر ضروري. حيث ستكون هذه النقابات أكثر و أقل أحياناً، مع سعينا جعل كل مبادرة للحركة الطبقية موضوع صراع مع القوى الأخرى من أجل خلق صدوع.
ومع ذلك، فهناك حالات مع نقابات تشكل القوى ذات التوجه الطبقي أقلية ضمنها، والتي لا يجري فيها أي عمل في هذا الاتجاه، و ذلك نظراً لوجود اعتقاد بإن اقتراح اللقاء مع بامِه سيلاقي الرفض أو إذا تم اتخاذ قرار إيجابي ذي صلة، فهو سوف يمنح اللقاء فرصة لتبييض سمعة قوى أرباب العمل و رفع مستواها و هي تلك المسؤولة عن وضع الحركة القائم. و في نهاية المطاف، فإن هذا الموقف يحجم الصراع و يضعفه ويضع عقبات من الناحية العملية أمام التنفيذ الموحد للتوجه القائل بتوجيه ضربة لنقابيي أرباب العمل والحكومة.
إننا نسعى عبر نشاط مخطط إلى حشد نقابيين و نقابات، حيثما أمكن، من خلال قرارات جماعية، ولكن أيضاً من أجل الكشف عن القوى التي تعرقل تنظيم صراعهم أو التي تحاول إخضاع محتواه وخوضه إلى مصالح رأسمالية. هذا هو الأسلوب الأكثر جوهرية من أجل استخلاص العمال لاستنتاجات من تجربتهم الخاصة، وهي عملية بالطبع لا تكفي وحدها لإنضاج وعي عمالي ثوري، ولكنه مقدمة هامة لذلك.
لكي يُخاض الصراع ضد خط أرباب العمل و الحكومة، ولكن أيضاً ضد الموقف الانتهازي، عبر إجراء عمليات جماعية في النقابات الأولية والقطاعية والمؤسساتية. و ألا نتراجع أمام المتطلبات الكبيرة لإجراء العمليات الجماعية للنقابات (اجتماعات الجمعيات العامة، المجالس، الاجتماعات) ، والتي تغدو قوانا أيضاً من خلالها أكثر خبرة وقدرة. و هنا تتواجد أرضية تغيير الوضع في النقابات وتدريب قوى جديدة من أجل الحركة.
إن هذا التوجه لم يُكتسب بعمق وبنحو موحد من قبل جميع الهيئات الإرشادية و المجموعات الحزبية المركزية. لقد قمنا بصياغة خبرة إيجابية مع بعض التدخلات القطاعية، كتلك في قطاع السياحة والمستشفيات، حيث لعبت النقابات ذات التوجه الطبقي دوراً طليعياً في تحقيق مواكبة و نشاط مشترك للعديد من النقابات في قطاعها. ومع ذلك، لا توجد خطة وتوجيهات مماثلة في جميع الاتحادات و المراكز العمالية حيث تشكل قواتنا أغلبية، و لا تحشد المبادرات التي تتخذ سوى القليل من النقابات مقارنة مع تلك التي هي أعضاء فيها.
على الرغم من سوء سمعة الكونفدرالية العامة لعمال اليونان، يسيطر نقابيو الحكومة و أرباب العمل و "الشراكة الاجتماعية" ضمن الاتحادات الرئيسية ونقابات قطاعات استراتيجية (الطاقة، البنوك، النقل، الاتصالات) والتي يستمدون منها قوتهم في الكونفدرالية العامة. إن ذلك هو عنصر سيؤثر على عملية إعادة التنظيم ويُثقلها في السنوات القادمة. حيث تتمظهر في هذه المواقع تقريباً جملة المشكلات المتعلقة بكيفية عملنا في النقابات من موقع الأقلية. و بالتأكيد، فإن للصعوبات الموضوعية ثقلها المعطِّل، لأن و على الرغم من التغيير الحاصل في تركيبة هذه المواقع و في علاقات العمل و تخفيض عدد الموظفين الدائمين الذين تم تعيينهم من قبل الفصائل النقابية للأحزاب الحكومية، فإن هذه المواقع لا تزال تمتلك أقسى قطاع من الأرستقراطية العمالية، التي حافظت على مستوى من الفوائد والدخل حتى خلال عقد الأزمة.
36. تعزز الصراع خلال السنوات التي تلت المؤتمر اﻠ20 للحزب، حول دور النقابات وتوجه الصراع، و صعود درجة التنظيم. و تمظهر ذلك في معارك تصدرها الشيوعيون في مؤتمرات المراكز العمالية والاتحادات، و في مؤتمر الكونفدرالية العاملة لعمال اليونان ذاتها، الذي أقيم في كالاماتا وروذوس وكافوري، حيث أسهموا في الكشف عن آليات وأساليب أرباب العمل و الدولة البرجوازية، من أجل التلاعب بالحركة العمالية النقابية، و شراء الذمم السافر و المتستر و عن التدخل العلني لأرباب العمل بها. و اشتدت المواجهة مع القوى البرجوازية والانتهازية التي تتوحد ضد الحزب، ولكن أيضاً ضد بامِه مع استخدام أشكال و وسائل حركية (احتجاجات، قرارات، مظاهرات، اعتصامات، دعاوى قضائية، مقابلات صحفية، نشر مقالات و إجراء مُسائلات برلمانية).
و برزت من خلال هذه المواجهات، أيضاً إمكانية مواكبة نقابيين- لا يتفقون مع سياستنا بجملتها - مع النقابيين الشيوعيين. حيث صمد بعضهم أمام ضغوط كبيرة، بنحو أكثر أو أقل و واكبوا الشيوعيين بشرف، معترفين لهم بطليعيتهم و بقدرتهم على تنظيم النضال باتساق و الدفاع عن مصالح العمال، و اعترفوا و وثِقوا بالمداخلة الجارية من أجل تغيير الوضع الرديء ضمن الحركة النقابية العمالية، والصراع ضد دور أرباب العمل الذي غرقت به القيادات النقابية.
و في جميع الحالات، خرجت قواتنا معززة من حيث الخبرة، و برزت كوادر جديدة، هي دعامة للسنوات القادمة. و صاغت التغييرات الإيجابية المسجلة في إدارات المراكز العمالية ظروفاً أكثر ملاءمة لتصعيد الصراع والجدل، و هي التي يمكن أن تسهم في المحاولة الرئيسية لرفع مستوى التنظيم في المنظمات النقابية الأولية، التي هي مسألة لا تحل تلقائياً، بل و بالتأكيد تتطلب توجها مستقراً و مبادرات مقابلة. ومع ذلك، هناك العديد من الاتحادات و المراكز العمالية التي ليس لنا بها مداخلة و ليس لنا مندوب منتخب.
و ليس الوضع هو نفسه من مدينة إلى مدينة ومن نقابة إلى أخرى، فيما يتعلق بالنقابات المنضوية ضمن بأمِه كما و فيما يخص تلك التي يشكل فيها الشيوعيون أقلية أو لا يوجد شيوعي منتخب. بمعنى آخر ، هناك نقابات لها مشاكل وظيفية و في القدرة على تحريك العمال.
إن قوة الحزب الشيوعي اليوناني التنظيمية و نفوذه في كل قطاع و موقع عمل هو عنصر حاسم لتغيير الوضع، فهو يتطلب إجراء التوقع الناجز، والتوجه المستقر والتخطيط من قبل الهيئات الارشادية والمجموعات الحزبية، و وجود روابط قوية مع الجماهير و تأهيلا سياسياً أيديولوجياً و قدرة على المناورة و شجاعة و مبادرة لإنجاز المهام.
37. إن وضع الحركة النقابية الأممية يُثقل وضع مسار تراجع الحركة النقابية في بلدنا، كما و هيمنة النقابات العمالية "الحرة" في جميع أنحاء العالم و أوروبا، و سيطرة ETUC (كونفدرالية النقابات الأوروبية) في أوروبا و التي تشكل جزءاً عضوياً في الاتحاد الأوروبي و تنضوي الكونفدرالية العامة لعمال اليونان.ضمنها بصفة عضو.
يدعم حزبنا عمل الاتحاد العالمي للنقابات. و تشارك بامِه به كجبهة التفاف لنقابات و نقابيين، كما و تشارك في المنظمات القطاعية للاتحاد العالمي للنقابات وفي رئاسته.
و طُوُّر خلال السنوات الماضية نشاط مهم للغاية عبر حملات إعلامية، وتنسيق للتحركات الكفاحية و للتضامن مع الإضرابات الكبيرة التي قادتها منظمات أعضاء في الاتحاد العالمي للنقابات، كمثال إضرابات الهند بمشاركة ملايين المضربين، و إضرابات جنوب إفريقيا و فرنسا و غيرها.
تم تعزيز الاتحاد العالمي للنقابات من خلال انضمام منظمات جديدة له من جميع القارات (كمثال COSATU من جنوب إفريقيا و نقابات من الهند وأوروبا)، هو تعزيز كان مطلوباً في السنوات السابقة، من خلال تطوير العمل المشترك مع منظمات نقابية ثانوية كحال مركز مرسيليا العمالي، ومراكز عمالية من دوائر باريس، و اتحاد عاملي البتروكيماويات المنضوية في CGT و نقابات عمالية من إيطاليا وإسبانيا.
إن الاعتراف ببامِه على المستوى الأممي هو عظيم. و نموذجي على ذلك هو مثال تجمع أول أيار العمالي لعام 2020 الذي جاب صيته العالم.
شُكِّل اتحاد النقابات العالمي بعد انتهاء الحرب الإمبريالية العالمية الثانية مباشرة، مع نصر الشعوب ضد الفاشية، في 3 تشرين اﻷول\أكتوبر 1945في باريس. و صمد الاتحاد أيضاً بعد قيام الثورة المضادة بإسهام من قوى الحزب الشيوعي اليوناني ومن نقابيين مناضلين آخرين على المستوى العالمي، و طوَّر نشاطاً جديداً مُظهراً إمكانيات جديدة للحشد والتنسيق المشتركين.
و يتطور الصراع الأيديولوجي السياسي أيضاً داخل خلجان اتحاد النقابات العالمي و ضمنه ينعكس وضع الحركة الشيوعية العالمية. حتى أن قوى برجوازية تسعى لاستغلال إيهان ردود الفعل المناهضة للرأسمالية و الالتباس الأيديولوجي المهيمن في القوى الشيوعية الناشطة في الحركة النقابية العالمية. ومع ذلك، فقد صيغت ظروف أفضل لتطوير نقاش حول تناسب القوى في كل المنظمات المشاركة ضمن اتحاد النقابات العالمي، و حول منظورها، وإطار صراعها و مداخلتنا.
إن مهمة أساسية من أجل إعادة التنظيم هي صعود درجة تنظيم الطبقة العاملة
38. مُلحَّة اليوم بنحو أكثر هي ضرورة انشغالنا في المقام اﻷول بكيفية تعزيز التنظيم النقابي العمالي في مواقع العمل. هي مهمة ذات أهمية قصوى و هي معيار أساسي للعمل الناجع. إن التنظيم في موقع العمل، وزيادة درجة تنظيم الطبقة العاملة وتغيير تناسب القوى هي أهداف رئيسية ويجب الكفاح من أجلها بنحو موحد، في كل قطاع، في كل منطقة. إننا نعمل بنشاط في جميع النقابات، بمعزل عن شكل تنظيمها (قطاعي أو مؤسساتي أو مهني). إن الوضع في مناطق واسعة من البلاد، حيث تتركز غالبية الطبقة العاملة، في أتيكي و ثِسالونيكي، يُظهر استناداً إلى معطيات النقابات المتواجدة ضمن نطاق المراكز العمالية لهذه المناطق، أن الغالبية العظمى من العمال المنظمين نقابياً (على أساس معطى اشتراكاتهم المالية ومشاركتهم في الانتخابات) متواجدة في نقابات المؤسسات. حيث يتواجد من أولئك الذين صوتوا في المركز العمالية في محافظة أتيكي، 60٪ في نقابات المؤسسات، و 23٪ في نقابات مهنية و 18٪ في النقابات القطاعية. و بنحو مقابل بلغت نسبة الناخبين في انتخابات نقابات المؤسسات 61٪، و 31٪ في القطاعية، و 21٪ في النقابات المهنية.
بإمكان النقابات القطاعية أن تحتضن الكتلة الكبيرة من العمال الشباب، لا سيما أولئك الذين يعملون في نظام شديد المرونة و التنقل، مع أشكال جديدة للتشغيل، و ذلك بالطبع، دون ترك جميع العمال خارج نشاطها. إننا نسعى لإسهام النقابات القطاعية في التنظيم بشكل أساسي داخل مواقع العمل الكبيرة، لتوحيد صراعها مع النقابات المتواجدة في الشركات الكبيرة في كل قطاع وللتنسيق بين نقابات من قطاعات مختلفة. حيث أظهرت الخبرة القديمة والحديثة أن من الصعب تطوير النضالات بنجاح، إذا لم تستند إلى منظمة متينة موجودة داخل كل مؤسسة. و بإمكاننا تحديد هذا الاتجاه في كل قطاع بنحو صائب.
هناك مواقع عمل في جميع أنحاء البلاد حيث ضروري و حاسم للغاية هو أمر تأسيس نقابات جديدة، كمواقع تجارة التجزئة المركزة (مراكز التسوق من جميع الأنواع)، وسلاسل تجارة الأغذية (السوبر ماركت)، و في السياحة مع مئات الفنادق، و في صناعة تحويل المواد الغذائية. إننا نطور نشاطاً طليعياً حتى لو كانت قوانا ضئيلة حيثما توجد نقابات. و عدا ذلك، فإننا نسهم في إنشاء نقابات قطاعية وكذلك نقابات شركات و مؤسسات في مواقع العمل الكبيرة، والتي بمقدورها توحيد جميع فئات العاملين داخل كل شركة، و في مراكز التسوق، ومجموعات الشركات.
من المطلوب دراسة تدخلنا ومحتواه بنحو أكثر جوهرية في القطاعات المتنامية بنحو زاخم، أي تلك التي تولى بأولوية من قبل رأس المال و المتواجدة في طور تجميع قوة عاملة جديدة. و أن نقوم بنحو مقابل بدراسة التحولات الداخلية في القطاعات ذات الأهمية الاستراتيجية. أي قطاعات و مجالات الطاقة، النقل، و شركات الشحن الدولي و إدارة سلاسل التوريد، و صناعة المعادن، و الصناعة الحربية الحديثة، الاتصالات و المعلوماتية، و إعادة التدوير. و أن ندرس معطيات تطورها وتمثيلها في البنية الحزبية و النقابية، والمتطلبات المنبثقة عنها، مع تحديد العناصر الموضوعية التي تؤثر و تُصعِّب – مثلاً- نشر قوى الحركة النقابية على مستوى الاتحادات و على مستوى النقابات الأولية حيث لا يجاوب نشرها مع تطورات القطاع ولا تغطي جميع العاملين به، ولكن أن ندرس أيضاً إجراء مبادرات مقابلة لتأسيس نقابات جديدة و إجراء تكيفات وحتى تغييرات لازمة من أجل نشر قوانا أو قوى النقابات المنضوية في بامِه ضمن قطاع معين.
إننا نفضِّل على مستوى الاتحادات الثانوية التركيز على الاتحادات القطاعية وليس الاتحادات المهنية التي تسبب الانقسام والتشرذم.
علينا المساهمة في إنشاء نقابات في مناطق لكي تجمع و بنحو متناغم بين النشاط في موقع العمل والسكن، مع قيام إعداد جيد وتركيز للقوى و الحرص على عدم إنشاء نقابات ركيكة في كل بلدية ومنطقة. هناك بلديات ذات تعداد سكاني كبير للغاية بوجه خاص في المراكز الحضرية في أثينا و ثِسالونيكي، يتركز بها آلاف العاملين في قطاعات، كقطاع التجارة والإطعام - السياحة، والتي لا يمكن تغطيتها من قبل النقابات القائمة سلفاً و التي تتواجد مقراتها بعيداً، و ذلك نظراً لواقع مستوى خبرة العمال في المشاركة في النقابات. ومع ذلك، حيثما وطالما لا توجد نقابات، يجب الاهتمام بتوجه إنشاء لجان نضال عمالية، والتي يمكن أن تكون شكلا جنينيا للنقابات. و في الوقت نفسه فإننا ندعم ونشجع أشكالاً جديدة من التنظيم، بجانب النقابات، والتي ستحتضن الجزء الأكبر من العمال، الذين هم في حالة "محفوفة بالمخاطر" ضمن علاقات عمل مطاطية و عمل "أسود" مع تنقل مستمر، دون وعي قطاعي. و تتمثل مبادرات التنظيم هذه والعمل الجماعي في منتديات و نوادي العمال والشباب، و نوادي العمال اليونانيين والمهاجرين الموظفة في إطار التضامن والتعبير والنشاط الجماعي وتعليم اللغة اليونانية للعمال المهاجرين، و التي ليست بأشكال تنظيم ضمن الهيكل الرسمي للحركة النقابية، لكن باستطاعتها توحيد العمال وتربيتهم على التنظيم الجماعي.
و تتمثل مسألة أساسية في عمل النقابات لمواجهة مشاكل المهاجرين، مع الأخذ في الاعتبار أنهم موضوعياً جزء من طبقة اليونان العاملة. حيث أظهرت الخبرة أن ذلك ليس بمهمة سهلة. ومع ذلك، فإن العمل على هذه الجبهة، منذ فترة الثورة المضادة عندما بدأ وفود أعداد كبيرة من المهاجرين من البلدان الاشتراكية السابقة، وخاصة من ألبانيا، ولكن أيضاً من البلدان الآسيوية (بنغلادش، باكستان، الهند) كان لذلك نتائج إيجابية أيضاً، في قطاعات البناء والنسيج و انتاج الأغذية وغيرها. و بالتأكيد تتبدى خلال فترة الأزمة الاقتصادية الرأسمالية ظاهرة عودة المهاجرين إلى بلدانهم أو توجههم نحو بلدان الاتحاد الأوروبي الأخرى، في حين تزيد الحروب الإمبريالية الجارية في الشرق الأوسط من تدفقات اللاجئين والمهاجرين من بلدان آسيوية (باكستان، أفغانستان، العراق، سوريا) كما و من بلدان شمال إفريقيا.
هناك حاجة إلى الإنشغال بنحو أكثر منهجية بالمهاجرين، كجزء من طبقة اليونان العاملة، من أجل اندماجهم و صراعهم إلى جانب العمال اليونانيين، سواء من أجل مشاكلهم الخاصة التي يلدها نظام الاستغلال، كما و من أجل المسائل الإجمالية للطبقة العاملة. فعدا الإجراءات التي يجب أن تطورها النقابات، بتدخل من الشيوعيين من أجل تنظيم النساء والشباب العاملين، تنبغي الاستفادة بشكل أكبر من إمكانيات واتصالات الجمعيات النسائية مع العاملات في مجال التجارة و الصحة والتعليم. إن هذا سيعطي زخما للنقابات وسيكون له تأثير إيجابي على جمهرتها، بمقدار تنسيق عملها و انشغالها النشط في جميع المسائل المتعلقة بالأسرة العمالية الشعبية و شبابها. حيث هناك عدد من قضايا النشاط التي تبدأ في المنزل بالإضافة إلى مشاكل النشاط في العمل. و كذلك، فإننا نسعى لجعل الأنشطة في مجال الثقافة (الموسيقى، المسرح، الكتب) و الرياضة و أنشطة التضامن الجارية عبر تدخل منظم في وقت الفراغ، خلايا تحشيد للقوى.
39. إن المعركة الجارية حول دور النقابات هي معركة أيديولوجية وسياسية وتنظيمية صعبة، و تجري في المقام الأول ضد الرأسماليين و اتحاداتهم والحكومات و الأحزاب البرجوازية، وبالتالي ضد قوى هؤلاء ضمن الحركة. و تتطرَّق الأحزاب البرجوازية والحكومة مرة أخرى إلى وضع الحركة النقابية، رغبة منها في تجديد التلاعب بها، و استثمارها في أزمنة أصعب.
هذا و عادت ظاهرة استحضار ذريعة استقلالية النقابة عن الأحزاب و عن الهوية الحزبية. تمتلك النقابة و بالطبع استقلاليتها التنظيمية، و هي التي ندافع عنها بقوة ضد التدخل متعدد الأوجه الجاري من قبل أرباب عمل والدولة. حيث من الواضح أيضا أن الحركة النقابية والنقابات ليست حزبا، لتمتلك برنامجاً مستقلاً من أجل السلطة. فهي تتوجه نحو جميع العمال، بمعزل عن خيارهم السياسي والأيديولوجي. ومع ذلك، فهي تجابه و باستمرار تبعات الاقتصاد و السلطة الاستغلاليين، وبالتالي فهي متواجدة في مواجهة و صراع ليس فقط مع كل رأسمالي على حدة، بل و أيضاً مع الحكومة والأحزاب البرجوازية. و ما من حيادية في النقابات. و بالتأكيد لا تُخاض هذه المواجهة بنحو موحد، نظراً لعدم وجود وعي سياسي طبقي متطور و موحد. إن إنضاج هذا المسعى من خلال النضالات، و تمظهره بهذه الدرجة أم سواها عبر مداخلات النقابات، هي مسألة معقدة و هي مسؤولية الشيوعيين.
و مع ذلك، فإن الدولة تسعى إلى توجيه ضربة قوية إلى قلب الوظيفة النقابية، متذرعة و مستدعية بالمشاكل القائمة. إن غياب إجراء اجتماعات الجمعيات العامة والتجمعات وجولات النقابيين في مواقع العمل، والمؤتمرات المتهاوية بقاعاتها الفارغة و التي تُجرى فقط لانتخاب أعضاء مجالس الإدارة والممثلين، دون نقاش و جدل، هو انحطاط ناتج عن خيار واعٍ. و تستخدم الدولة وسائلاً، كالتصويت عبر البريد الإلكتروني، والتي تقدمها باعتبارها تحديثاُ من أجل إلغاء قيام اجتماعات الجمعيات العامة.
سيتم تنفيذ هذا الاتجاه الذي سيتعايش مع تصاعد القمع و وضع المعوقات أمام عمل الشيوعيين في الحركة العمالية النقابية، من أجل تحجيم التنظيم والنشاط النقابيين، وخاصة ضد التفاف النقابات ذات التوجه الطبقي، ضد بامِه.
و في الفترة القادمة ستتكاثر بناءاً على "الشرعية" الجديدة المتشكلة مزيد من ظواهر عدم اعتراف مؤسسات الدولة البرجوازية (المحاكم، و غيرها) و أرباب العمل بالنقابات و قراراتها الجماعية، و سوف ترفض و بذرائع قانونية توقيع عقود عمل جماعية، و ستجرم النشاط و حتى الإجراءات الجماعية للنقابات العمالية. إن مواجهة الحركة النقابية العمالية عبر قيام تحكم للدولة أكثر صرامة بالنقابات، هي جبهة جادة لقيام التدخل والنضال الأيديولوجي والسياسي الجماهيري.
و جُمعت خلال فترة الوباء خبرة غنية من "عدم الطاعة المنظم" و نشاط النقابات ضد المحظورات والإجراءات القمعية التي اتخذتها الحكومة بذريعة "الأزمة الصحية".
إننا نسعى من خلال التنظيم والمشاركة الجماهيرية للعمال في عمليات النقابات الجماعية و نشاطها، ليس فحسب للتشكيك بالإطار التشريعي الرجعي، ولكن أيضاً، لترسيخ بُعد و وظيفة النقابات و عملياتها الجماعية كأمر واقع في حالات الحظر المتنوعة، من أجل ممارسة أكبر ضغط ممكن على مؤسسات الدولة وأرباب العمل لإجبارهم على القبول وحتى للاعتراف قانوناً، بعمل النقابات، ولكن أيضاً للكشف عن حدود الشرعية البرجوازية.
و بذريعة الوباء، جرت محاولة لتطبيق التصويت الإلكتروني ضمن إجراءات انتخاب ممثلي مجالس الخدمة في التربية والتعليم و في بعض المجالات الأخرى ضمن القطاع العام. حيث يُظهر الاحجام الشامل تقريبا لما يزيد عن 90٪ من المعلمين عن المشاركة في هذه العملية، وجود مقاومة وردود فعل لدى العاملين، الذين يدركون رجعية هذه التعديلات.
40. أحضرت خبرة معارك الحركة النقابية العمالية إلى السطح مسألة إرشاد الشيوعيين في محتوى النشاط في النقابات الأولية، باعتبارها صعوبة و وجه ضعف، لكي تشكل النقابات فعلياً منظمات تركز غالبية العمال و حواملاً للصراع الطبقي. إنها مشكلة إرشادية و على حد السواء في الهيئات الحزبية، كما و خاصة في اللجان القطاعية، و المجموعات الحزبية المكلفة للعمل في الاتحادات النقابية، و هي التي ينبغي أن تساهم في حلها اللجنة المركزية بذاتها و قسمها المختص بالعمل النقابي العمالي. و ينبغي أن نمتلك إدراكاً للمشاكل الموجودة في إرشاد أعضاء الحزب من أجل تغيير وظيفة النقابات الأولية التي ليست بجيدة و معرضة لخطر تفاقم وضعها في ظروف تراجع أكبر للحركة.
و من غير الممكن تطوير شبكة متكاملة من المنظمات النقابية وتركيز القوى ضد الخصم الطبقي بمسؤولية الشيوعيين، إذا لم يتحسن و يُرفع مستوى وظيفة النقابات، بنحو يعطي مجالس إداراتها صورة عن مشاكل أعضاء النقابات، و عن وضع مواقع العمل والقطاعات، و تخطيطاً مستقراً للمبادرات التي تروج لإطار الصراع، و اهتماماً بإيجاد سبل و صيغ تسهل مشاركة العمال. حيث ينبغي الاستفادة من جميع الصيغ والإمكانيات، لكي يلعب العامل المنظم نقابياً دوره، و على حد السواء في النقابة القطاعية أو في تلك التي تغطي نطاق الشركة المعنية، لكي لا تُستنفذ مشاركته في النقابة عند تصويته في انتخاباتها. و ليتلقى مساعدة في موقع العمل، و في قسم الإنتاج حيث يعمل، ليغدو "آذان و عيون" النقابة. على أن يُشكل هذا العامل مع العمال المنظمين الآخرين، في البداية مجموعة غير رسمية، لجنة تابعة للنقابة و هي التي ستتوجه بنحو كفاحي نحو أرباب العمل، و ستُحرِّك الزملاء الآخرين. على أن تشكل بداية نواة للجنة نقابة محتملة أو للجنة من أجل مسائل الصحة والسلامة. و أن تسجل عمالاً آخرين في النقابة. و تتمثل قضية إرشادية ذات أهمية كبيرة للسنوات القادمة في توسيع دائرة العاملين الذين يعملون بنشاط إلى جانب مجالس إدارة النقابات، مما يكبِّر بهذا النحو البنية التحتية للمنظمات النقابية، في تزامن مع صياغة خطة و مقدمات لانتزاع الأغلبية في نقابات و اتحادات، و هي مسألة لا تتعلق بخوض معركة انتخابات النقابات ببعد واحد قبل إجرائها.
ينبغي أن يشغلنا موضوع إرشاد أعضاء الحزب الشيوعي اليوناني و الشبيبة الشيوعية من أجل مشاركتهم و نشاطهم على حد السواء في النقابات كما و من أجل المشاكل الحادة التي تواجهها الأسرة الشعبية في مكان سكنها. هناك حاجة للإصرار على كسر أي حواجز قائمة بين نشاط النقابي الشيوعي في موقع العمل و مكان السكن، وهو المنطق الذي يأتي من القِدم و القائل إن النقابة تنشغل بالمشاكل القائمة في موقع العمل و أن المسائل الأخرى تخص الرفاق المكلفين بالعمل في المنظمات الجغرافية أو في الإدارة المحلية.
فعلى سبيل المثال، إن العمل على تسجيل عامل ما في النقابة و إشراكه بنشاطها، هو أكثر تعقيداً وصعوبة مما كان عليه في السنوات السابقة. إن الانخفاض الكبير لمكانة النقابات، والانتكاس الأشمل هي عوامل تثبيط جادة. و من الضروري لقيام الخطوات المطلوبة، هو تطوير الثقة اللازمة في المناضل الطليعي - الشيوعي - النقابي. و لذلك ، هناك حاجة للنشاط في كل مجال، ليرانا العمال في موقع العمل و الحي السكني و جمعية أولياء أمور التلاميذ، و في المركز الصحي، و لنتصدَّر العمل من أجل حل كل مشكلة صغيرة وكبيرة و لإجراء نقاش حول جميع المشاكل في مواقع العمل مع الحث و باستمرار على المشاركة في النقابة عبر مبادرات ذات صلة. مع نشاط رائد، و هو ما يعني أيضاً قيام عمل أيديولوجي - سياسي صائب و صحيح من أجل استيعاب أوسع لضرورة تنظيم النضال في مواجهة استراتيجية رأس المال.
هناك ضرورة لتشكيل لجان تنسيق للنقابات و لهيئات الحركة الأخرى أو للجان النضال على مستوى المنطقة الجغرافية المعينة و المدن و ضواحيها.
41. لقد أسهم التنسيق والعمل المشترك للنقابات العمالية مع المنظمات الشعبية الأخرى باعتباره أسلوباً للمداخلة. حيث نُظِّمت تحركات وأشكال تضامن في المناطق المتضررة من الكوارث الطبيعية (مانذرا، ماتي، لِسفوس، كارذيتسا، ساموس). و تصدَّر الشيوعيون تنظيم التضامن من خلال النقابات، ولكن أيضاً من خلال إبراز أسباب الكارثة و المطالبة ببنى تحتية و خدمات للحماية من الكوارث الطبيعية (الحرائق والفيضانات والزلازل). و تم تنفيذ المزيد من التدخلات المخطط لها، والتي تم التعبير عنها أيضاً في تحركات جماهيرية ضد سياسة الحكومات البرجوازية والمحافظات والبلديات من أجل البيئة ونوعية حياة الشرائح العمالية الشعبية و إدارة النفايات والصناعات التي تلوث أتيكي و بيرياس و غرب ثِسالونيكي و فولوس ومؤخرا في محافظة ثيساليا، لتوربينات الرياح. إنها أمثلة على صراع الحركة العمالية في جبهات موسعة اتخذت طابع عمل منسق للنقابات العمالية مع نقابات العاملين لحسابهم الخاص و مع جمعيات المزارعين و النساء و الشباب و الطلاب و التلاميذ و أولياء أمورهم و ما شاكلها.
و كان لتدخل الحزب ودوره أثناء تفاقم مشكلة اللاجئين في الجزر وفي مناطق البر الرئيسي لليونان أهمية خاصة، كما و لنشاطه الطليعي ضد احتجاز اللاجئين، و من أجل مواجهة القوى الرجعية التي نشطت و تنشط بدعم من أجهزة أخطبوطية للدولة و غيرها من المنظمات غير الحكومية التي تسعى إلى دمج القوى العمالية الشعبية. و يقدِّم نشاط المراكز العمالية في لِسفوس و ساموس، و المجموعة الشمالية من جزر ذوذيكانيسوس و قسم محافظة خيوس في إ.ع.إ.ع.ق.ع، خبرة ثمينة و هي المنظمات التي تصدَّرت أثناء قيام رد الفعل المبرر لقطاعات شعبية واسعة على سياسة الحكومة و الاتحاد الأوروبي المسؤولة عن احتجاز اللاجئين. و التي قامت برد فعل على وجود قوى قمعية معززة في الجزر، معربة عن تضامنها مع اللاجئين، في حين قامت بعزل الجماعات الفاشية و شعاراتها المماثلة.
42. إننا نسعى عبر النشاط المخطط والرائد لقوى الحزب و الشبيبة الشيوعية اليونانية للمساهمة في تشكيل حركة مكافحة على مستوى المجال الجغرافي أي في المدن أو الضواحي، فوق أساس المشاكل الحادة التي ستحشد جماهيراً شعبية أوسع و ستعزز تواجهها ضمن الصراع. و في نفس الوقت لخلق ركائز و بنى لتحتية للنقابات القطاعية والمؤسساتية في المجال الجغرافي. و للكفاح من خلال توسيع إطار النضال النقابي أي إلى ما أبعد من المطالب الاقتصادية العمالية، من أجل كل المشاكل العمالية والشعبية، مع الأخذ بعين الاعتبار لتفاقمها و للتصعيد اللازم. و خلق الظروف للعمل المشترك مع منظمات العاملين لحسابهم الخاص، والمنظمات الجماهيرية الأخرى، كالجمعيات النسائية، ورابطات أولياء أمور التلاميذ، إلخ. و نسعى لنكون في الخطوط الأمامية في كل مكان، من خلال النقابات والحوامل اﻷخرى للحركة، لكي يتنظم العمال و يكافحوا من أجل حياتهم وبقائهم، و لتعزيز التضامن، وتنسيق القطاعات المختلفة بينها.
على أن ترتكز مبادرة الشيوعيين في كل مجال على إمكانيات قائمة موجودة، و أن تُحشد و تحرَّك منظمات أخرى على مطالب عادلة، مما سيفتح الطريق للتواصل مع قوى شعبية أوسع و خوض صراع مشترك. حيث من المحتمل أن تشارك قوى سياسية أخرى عبر ممثليها، ما دمنا بصدد منظمات جماهيرية موجودة ضمن حوامل الحركة. و لهذا السبب من المطلوب هو التحضير الجيد لجميع المسائل والمطالب و لأطر وأشكال الصراع.
و من خلال هذا التدخل، بإمكان الحركة أن تخرج معززة و أكثر جماهيرية من الناحية التنظيمية، و أن تُسجَّل خطى في انتزاع قوى عمالية و شعبية من التلاعب الرأسمالي و من الاحتباس ضمن النظام لا عبر أوهام اشتراكية ديمقراطية ولا انتهازية. و من أجل تسجيل خطى في تعزيز التحالف الاجتماعي، ليكتسب توجه الصراع منحى مناهضاً للرأسمالية و للاحتكار.