روابط المواقع القديمة للحزب

إن الصفحات الأممية للحزب الشيوعي اليوناني تنتقل تدريجياً إلى صيغة موقع جديد. بإمكانكم الوصول إلى النسخات السابقة للصفحات المحدثة سلفاً  و محتواها عبر الروابط التاليةَ:

 

الفصل السادس. القوى السياسية في اليونان

34. الجمهورية الجديدة: ترافق استلام حزب الجمهورية الجديدة حكم البلاد في تموز\يوليو 2019 مع تسريع عمليات إعادة الهيكلة الرأسمالية المناهضة للشعب، وتكييف الدولة البرجوازية (مثل "التحول الرقمي")، وتدابير القمع ومتطلبات أخرى لرأس المال والاتحاد الأوروبي. و في هذا الاتجاه أيضاً تم استغلال الوباء. و إلى جانب ذلك، فإن حزب الجمهورية الجديدة قدم نفسه، كمعارضة رئيسية على أنه المعبر الأصلي و الأكثر أصالة عن مصالح رأس المال مقارنة بسيريزا. و حاول في البداية مستفيداً من مرحلة انتعاش الاقتصاد اليوناني، تغذية التوقعات بين صفوف جماهير شعبية، عبر منح تسهيلات ذات طبيعة محدودة تعلقت بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة. حيث سرعان ما استنفدت سياسة الإدارة هذه جميع هوامشها، خاصة بعد اندلاع الأزمة الاقتصادية الرأسمالية الجديدة وتسريع عمليات إعادة الهيكلة والتدابير المتخذة على حساب الطبقة العاملة والعاملين لحسابهم الخاص وصغار و متوسطي المزارعين (كقانون الإفلاس).

هذا و يقف حزب الجمهورية الجديدة فوق أرضية البناء الفوقي المناهض للعمال و الشعب، المشيد أثناء حكم سيريزا لمدة أربع سنوات (2015 - 2019) و يقوم بتوسيعه بنحو أبعد. و يستغل في الوقت نفسه واقع الانتكاس المحافظ، الذي غُذي من نقض توقعات قطاعات شعبية واسعة من حكومة سيريزا، هو انتكاس تتمثل خصائصه الرئيسية في انخفاض المطالب، و الانهزامية، و القدرية، و "أحادية طريق" رأس المال كما و "المشاركة الضرورية" في الناتو و الاتحاد الأوروبي و غيرها.

و بذريعة الوباء، تصبح حكومة الجمهورية الجديدة الحامل الرئيسي لوجهة نظر "ثقة جديدة في الدولة" و إبرام "عقد اجتماعي جديد" بين الدولة والمواطنين.

إن ما يروج له في الواقع هو محاولة لتقديم الخيارات السياسية الأساسية للحكومات، و للدولة البرجوازية ككل، على أنها موضوعية لا جدال فيها - وحتى "عقلانية" - محاطة ببريق علمي وتكنوقراطي. بمعنى آخر، الترويج لترسيخ قبول أعمق للنظام الحالي و لسياسات إدارته كشيء موضوعي. حيث يُسعى لإبراز الحكومة والدولة البرجوازية زمنياً كإعراب عن "الصالح العام"، بمعزل عن واقع الفوارق الطبقية والاجتماعية.

و في الوقت نفسه، يُسعى ألا تصبح مراحل الأزمة ذرائع للطعن بالنظام، بل لحظات لتعبير الشعب "المسؤول بشكل فردي" عن انصياع أكبر لقبول أي سياسة إدارة باعتبارها أمراً موضوعياً، يتعلق بـ "الصالح العام". حيث بإمكان أي اعتراضات أو خلافات أن تتواجد فقط ضمن هذا الإطار لا خارجه.

و لهذا السبب يُستخدام الوباء كـ "حالة خاصة" لفرض مزيد من تقييد الحريات الشعبية، وتعزيز التدابير القمعية، ولا سيما تعزيزها جميعاً باعتبارها "ضرورية اجتماعياً"، مع استغلال بعض التدابير التقييدية اللازمة فعلاً بسبب الوباء.

يعبر الموقف الكوسموبوليتي المسيطر للطبقة البرجوازية عن علاقة قطاعاتها الأساسية بالسوق الرأسمالي العالمي، و عن "انفتاحها" و روابطها بالاقتصادات الرأسمالية للمراكز الإمبريالية العاتية، كمثال ارتباطها بالولايات المتحدة والصين ومشاركتها الفاعلة في تحالفات إمبريالية كالناتو والاتحاد الأوروبي و غيرها، و يعبر أيضاً عن موقعها السياسي والعسكري الأدنى مقارنة بمنافستها المباشرة في المنطقة، الطبقة البرجوازية التركية. و عدا ذلك، فإن خيارها الرئيسي مع إدراكها لهذا التناسب، هو دعم الاتفاقات والمفاوضات الدولية، في سياق خط الإدارة المشتركة للمناطق البحرية تحت الإشراف الأوروأطلسي. حيث لا تنفي هذه الواقعة عناصر القومية التي قد تتعزز، بل تتعايش معها، خاصة في حالة الحل المسلح لأية خلافات.

و يجري التعبير عن هذه الاتجاهات بطريقة متناقضة في النظام السياسي بأكمله، وبالتأكيد ضمن حزب الجمهورية الجديدة نفسه كحزب برجوازي أساسي. فعلى الرغم من تبنيه الكوسموبوليتية رسمياً، إلا أن هناك قوى ضمنه تعيد إنتاج المواقف القومية والعنصرية بنحو علني، وتسعى للتأثير على حيز ما يسمى باليمين المتطرف. حيث يثبت أن القومية والكوسموبوليتية البرجوازية هما وجهان لعملة واحدة، تستخدمهما كافة الأحزاب البرجوازية لخدمة المصالح الإستراتيجية للطبقة البرجوازية.

و بالتوازي، يستخدم حزب الجمهورية الجديدة نظرية "الطرفين المتطرفين"، و العداء الفج و المنمق للشيوعية بالتناوب، والمساواة المنافية للتاريخ بين الفاشية و الشيوعية، والكراهية ضد النضالات و التحركات الشعبية، من أجل تبرير و تكثيف القمع. و خاصة بعد صدور القرار في محاكمة منظمة الفجر الذهبي، حيث يتحدث كوادر هذا الحزب بصراحة حتى عن الحاجة إلى اتخاذ إجراءات ضد "الطرف الآخر"، مقدمين الحزب الشيوعي اليوناني على أنه كذلك.

 

35. "سيريزا - التحالف التقدمي": تطور سيريزا خلال السنوات الأخيرة و غدا دعامة ثمينة للاستراتيجية البرجوازية، ليس فقط لأنه خدم باتساق أهدافها المناهضة للشعب، و بل لأنه حاول و بنحو أساسي ترسيخ هذه الأهداف ضمن وعي القوى العمالية – الشعبية كأهداف "ضرورية" حتى و "تقدمية".

و تسارع تحوله الاشتراكي الديمقراطي مع سيره نحو استلام السلطة الحكومية، وأكثر من ذلك مع حكمه الذي استمر أربع سنوات، وأيضاً من موقعه كمعارضة أساسية.

و تتجه هذه العملية إلى الاكتمال تنظيميا من خلال عمليات توحيد قوى "سيريزا - التحالف التقدمي"، مع استيعاب قوى ومجموعات انفصلت عن حزب الباسوك. يسعى سيريز إلى الظهور كخلفٍ رئيسي لـ "الفصيل الديمقراطي" ، مع إشارات أكثر تواتراً إلى إلفثيريوس فينيزيلوس و يورغوس باباندريو وأندرياس باباندريو، و أيضاً مع مشاركة أكثر نشاطاً في الاشتراكية الديمقراطية الأوروبية، دون التخلي عن مرجعياته إلى "قيم و تقاليد اليسار". كما يحافظ على اتصالات مع ما يسمى بقوى "التقدمية" في أمريكا اللاتينية.

و بمعزل عن الشكل التنظيمي الذي سيتبلور به، فإن إعادة صياغة الفضاء الاشتراكي الديمقراطي في اليونان، هي ضرورية لاستقرار النظام السياسي البرجوازي، بنحو يمكن استخدامه كحل حكومي بديل.

إن إعادة صياغة الاشتراكية الديمقراطية، في اليونان و البلدان الأخرى، يركز في جوهره على تجميل التيسير المالي وتدخل الدولة الأوسع من أجل وظيفة - إنقاذ الاقتصاد الرأسمالي. إن هذا، بالتأكيد، لا ينفي واقعة تطبيق الحكومات الاشتراكية الديمقراطية (كتلك في إسبانيا والبرتغال) مجموع التدابير المناهضة للعمال - "الليبرالية الجديدة" كما يسمونها – و واقعة مسؤوليتها بذات القدر عن انهيار أنظمة الصحة العامة.

لا تشكل هذه السياسة منعطفا في صالح الشعب، و أكثر من ذلك بكثير، لا يمكنها أن تلغي حتميات الاقتصاد الرأسمالي. و يُثبت تطبيقها من قبل جميع الحكومات البرجوازية أن الأحزاب البرجوازية و على الرغم من اختلافاتها، هي قادرة على التكيف مع حاجات النظام الرأسمالي.

لقد دعم سيريزا بنحو جوهري إدارة الحكومة للوباء والتدابير المتخذة، على الرغم من محاولته ممارسة نقد بعض جوانبها. و قام بذات الشيء فيما يتعلق بقرارات الاتحاد الأوروبي بشأن صندوق الإنعاش. و هو يحاول الظهور على أنه المعبِّر اﻷكثر إتساقاً عن هذه السياسة، على عكس حزب الجمهورية الجديدة الذي "لا يمكنه تنفيذها، لأنها لا يؤمن بها".

لقد فقد سيريزا الميزة التي كانت بحوزته في السنوات السابقة تجاه حزب الجمهورية الجديدة، و ليس فقط بسبب أفعاله الحكومية، بل و أيضاً لأن حزب الجمهورية الجديدة قام و على غرار جميع الحكومات البرجوازية بدمج مواقف ما يسمى بـ "الكينزية الجديدة".

إن الصعوبة الموضوعية لسيريزا في الظهور باعتباره القوة الأكثر فاعلية للإدارة البرجوازية مقابل حزب الجمهورية الجديدة، يزيد من التناقضات في سياسته: فهو من جهة يحاول الظهور كحل مسؤول وموثوق للحكم البرجوازي، و من جهة أخرى يحاول الاستحواذ على المزاجات الكفاحية و الجذرية.

حيث ينكشف وجود أساس قوي للتوافق في سياسة إدارة الأزمة الاقتصادية، و أكثر من ذلك مع تعميد هذه الأزمة أيضاً  على أنها "أزمة الفيروس التاجي" مما يحجب بالتالي محتواها الأساسي كأزمة اقتصادية رأسمالية. إن هدف التوافق و "التفاهم الوطني" يُخدم أيضاً من قبل مختلف المقترحات، كمثال تعيين وزراء القبول المشترك.

و مع ذلك، فإن أكبر مساهمة لسيريزا كانت في زرع منهجي لمنطق قائل بوجوب تجميد المعارضة والمطالبة والنضال، في الظروف الاستثنائية. و بهذا الأسلوب، قدم دعماً لمحاولة الحكومة بناء منطق إجماع عمالي وشعبي أوسع، بذريعة إدارة الوباء، ولكن أيضاً من أجل ظروف أخرى مماثلة. و عبر موقفه هذا، أعطى أولاً حجة لممارسة قمع الدولة، و ثانياً فهو يستغل هذا المنطق ضمن خط "التعاون الديمقراطي". حيث لا يستبعد هذا الأخير إمكانية -على غرار ما فعل حزب الباسوك من قبل- المشاركة في حكومة ذات دعم سياسي أوسع، باسم "حالات الطوارئ" المحتملة في المستقبل.

و بالطبع، من الممكن فوق أرضية الأزمة الرأسمالية وتصاعد المشاكل الشعبية، إحياء أوهام اشتراكية ديمقراطية حول "إدارة  للرأسمالية صديقة للشعب" ضمن خط اندماج جديد يُبرز تشكيل جبهات اجتماعية و حكومية “مناهضة للنيوليبرالية" و "مناهضة لليمين" و "مناهضة للفاشية".

 

36. حركة التغيير\الباسوك: إن التفاعلات الجارية في فضاء الاشتراكية الديمقراطية تضع سيريزا بنحو موضوعي في مواجهة مع قطب الاشتراكية الديمقراطية البرجوازي الآخر في اليونان، حركة التغيير/ الباسوك، الذي يجمع حالياً بقايا حزب الباسوك بعد انهياره المدوي عام 2012 و لاحقاً. يكمن عنصر لهذه المواجهة في قدرة أي منهما على اﻹستحواذ على قوى ذات توجه مماثل، متواجدة بنحو رئيسي في النقابات، و الإدارة المحلية، و مؤسسات الدولة الأخرى (كغرف الصناعة و التجارة)، التي لا تزال حركة التغيير\الباسوك تحتفظ ضمنها بقوى كبيرة. إن هذه المواجهة لا تستبعد على الإطلاق قيام تعاون مستقبلي بين الفضاءين أو بين أجزاء منهما، كنتيجة لعملية إعادة صياغة الاشتراكية الديموقراطية، التي تشكل جانباً أساسياً على مر الزمن من حماية النظام السياسي البرجوازي، بل و لا تستبعد أيضاً استخدامهما الظرفي من أجل ائتلافات في صيغ حكومية، إما مع حزب الجمهورية الجديدة أو في حكومة "غرض وطني" و ما شاكلها.

 

37.الفضاء الانتهازي بنحو أوسع: إن مسار إعادة صياغة النظام السياسي يعزز بنحو موضوعي التفاعلات الجارية، سواء داخل سيريزا نفسه (مجموعة 53+) وفي فضاء أوسع يشمل حزب ميرا 25 وقوى حزب الوحدة الشعبية، وصولاً إلى بقية الفضاء الانتهازي المتواجد خارج البرلمان. حيث تتواجد جوهرياً في صلب هذه التفاعلات والنقاشات، حاجة إعادة إحياء طراز إدارة "كينزية جديدة" فعلي، و طراز فعلي من "الصفقة الجديدة" على غرار عقد الثلاثينيات، مع قيام تدخل للدولة على نطاق أوسع في الاقتصاد.

إن القاسم المشترك لهذه القوى هو تبني آراء تُعرض دولياً من قبل "الجناح اليساري للديمقراطيين" في الولايات المتحدة (مثل التنمية "الخضراء" ، والكوسموبوليتية، و غيرها). حيث يُعرض هذا الخط إما كبرنامج حكومي فوري أو كهدف سياسي انتقالي "للاشتراكية" ستنفذه حكومة "يسارية" و "جذرية". و هو من الناحية الموضوعية، يُسهم في الدمج البرجوازي الاشتراكي الديموقراطي لقوى شعبية راديكالية محتملة، في منطق النسخ المختلفة للإدارة البرجوازية كثقل معطل للنيوليبرالية.

في الوقت نفسه، وبالتركيز على احتدام المزاحمات الإمبريالية البينية في شرق المتوسط، تقوم قوى الفضاء الانتهازي الأوسع (ميرا 25، نار، أندارسيا، إلخ) بتجميل "السلام" الإمبريالي و الاتفاقات الدولية المقابلة الموقعة من قبل دول برجوازية. فهي في جوهر اﻷمر و مع خطاب كاذب مناهض للرأسمالية أو أممي- في التحليل النهائي – تُخفي اصطفافها خلف سعي الولايات المتحدة - الناتو - الاتحاد الأوروبي كما و الطبقة البرجوازية اليونانية، نحو قيام الاستغلال المشترك للمناطق البحرية. حتى أنها في الممارسة تلعب عن غير قصد، بسبب سياستها هذه، لعبة المراكز الإمبريالية والطبقة الحاكمة اليونانية، التي قد تتعايش عدوانيتها مع تقديم تنازلات للحصول على منافع في أماكن أخرى. و تتنافس هذه اﻷحزاب فيما بينها لكنها تتماشى في خط مناهض للحزب الشيوعي اليوناني مع قوى تعتبر موقف الطبقة البرجوازية اليونانية هذا عنصر "تبعية" لا عنصر خيار واعٍ لخدمة مصالحها الذاتية الخاصة، و التي لا تمت بصلة للمصالح الفعلية للطبقة العاملة و للشعب اليوناني.

لا ينبغي أن يؤدي المسار التنظيمي التفككي الحالي لللفضاء الانتهازي إلى التقليل من قدرته على محاصرة مزاجات جذرية، مع استغلال تأثير الأيديولوجية البرجوازية. ففي كل الأحوال، إن الهدف الدائم هو توظيفه كساتر أمام مواكبة القوى الشعبية للحزب الشيوعي اليوناني، وفي هذا الاتجاه فهو يعزز الخطط لإنشاء تشكيل تنظيمي "شيوعي" جديد. و بالتوازي مع ذلك، فهو يمتلك خط "هجوم ودي" من أجل وحدة العمل في الحركة، والذي، كما هو متوقع، هو عبارة عن تعاون مموه لمكونات سياسية مختلفة، كما يحارب في نفس الوقت و بقوة، حاجة الترويج للتحالف الاجتماعي والتفاف القوى ضمن الحركة في اتجاه مناهض للرأسمالية و الاحتكار، أي على الخط السياسي للحزب الشيوعي اليوناني من أجل الحركات.

حيث ستسهم المواجهة الأيديولوجية - السياسية المنهجية مع مواقف الانتهازية وتكتيكاتها في تحرير قوى وإبطال الهجمة الانتهازية ضد الاستراتيجية الثورية للحزب الشيوعي اليوناني وبرنامجه.

 

38.الفضاء اليميني المتطرف - القومي - الفاشي: تتميز التفاعلات في ما يسمى بالفضاء القومي اليميني المتطرف بقرار الإدانة الجنائية للفجر الذهبي كمنظمة إجرامية. و كان سبقها فشل دخولها البرلمان في الانتخابات النيابية لعام 2019، وتفككها التنظيمي، وكذلك محاولة قادتها خلق تشكيلات جديدة (حزب كاسيذياريس، لاغوس، إلخ). و في الوقت نفسه تنتقل نسبة من مؤيدي الفجر الذهبي إلى فضاءات قريبة أيديولوجياً وسياسياً مثل حزب الحل اليوناني.

تُستخدم هذه التطورات أيضاً "لتطهير" الفضاء المعين وتشكيل الأرضية لظهور فجر ذهبي أكثر اعتدالاً، لتستخدمه البرجوازية كاحتياطي، ولكن أيضاً كقوة ضاربة ضد الحركة و الحزب الشيوعي اليوناني. حيث تُستخدم حالياً لهذا الغرض نظرية "الطرفين" من قبل هذه القوى و أيضاً من قبل أجزاء من حزب الجمهورية الجديدة، التي تطالب باتخاذ إجراءات ضد الحزب الشيوعي اليوناني، عدا أمور أخرى، باعتباره تعويضاً عن قرار المحكمة ضد منظمة الفجر الذهبي النازية. تتجاهل هذه الآراء الرجعية والمتخلفة، الواقعة التي لا جدال فيها وهي أن أيديولوجيا الفاشية النازية هي بالضبط التي تجعل مثل هذه المنظمات والممارسات السياسية المقابلة لها – باعتبارها اليد الطويلة لنظام استغلالي همجي- منظمات إجرامية قاتلة.

هناك حاجة لعدم الاطمئنان، بل يجب تكثيف محاولة الكشف عن طبيعة هذه القوى. فهي قوى دعم للنظام الرأسمالي، حوامل مناهضة للشيوعية و للعنصرية و هي ذات ارتباطات بأليات أرباب العمل، و مراكز و وكالات. و هي تلعب دوراً في تضليل الشعب عن السبب الحقيقي للمشاكل، كما ثبت في حالة تيارات المهاجرين واللاجئين، والوباء، و غيرها، حيث قامت ببث رؤى رجعية و لا عقلانية وميتافيزيقية.

و تغدو هذه الحاجة أكثر إلحاحاً، خاصة وقت سعي مختلف مراكز النظام السياسي البرجوازي (أحزاب برجوازية، وسائل إعلام، إلخ) كانت قد أيدت نشاط الفجر الذهبي في الماضي أو تسامحت معه، لإظهار وجه خاتمة "مناهض للفاشية"، مما يُضلل و يفصل الصراع ضد الفاشية عن النضال من أجل إسقاط النظام الاستغلالي العفن، و يتستر على المسؤوليات التاريخية للأحزاب البرجوازية، و مسؤوليات الاشتراكية الديموقراطية في تعزيز التيار الفاشي. إننا بصدد "مناهضة للفاشية" بخصائص غير طبقية، تهدف إلى التأثير بنحو تضليلي على قوى شعبية و شبيبية كانت قد تحركت في فترة إنجاز المرحلة الأولى من محاكمة الفجر الذهبي.


تتخذ البرجوازية تدابير من أجل استقرار النظام

39. اتخذت الطبقة البرجوازية على مدى جميع السنوات الماضية، جملة من التدابير من أجل استقرار النظام السياسي البرجوازي. إن هذا بالطبع لا ينفي بل يتعايش مع تراكم العوامل التي قد تؤدي في الفترة المقبلة إلى هزات أو حتى إلى المزيد من عدم الاستقرار السياسي.

و مع استخدامنا للخبرة القيمة - الإيجابية والسلبية - التي تراكمت لدينا كحزب، خاصة في العقد الأخير (2010 - 2020) ، فإننا مدينون بالاستعداد المتكامل الجوانب، لا سيما من أجل تطورات محتملة سريعة لا يمكن التنبؤ بها. حيث ثبت أن موقف القوى الشعبية يتحول بسرعة في التطورات المتغيرة بسرعة، في اتجاه إيجابي أو سلبي.

تغذي هذه التطورات إعادة الصياغة المستمرة للنظام السياسي البرجوازي، بعنصر أساسي هو محاولة دمج أي تجذر متنامٍ، و تشديد القمع والتلاعب الأيديولوجي، ومحاولة إبطال إمكانية لعب الحزب لدوره الطليعي و حشد قوى عمالية شعبية في اتجاه مناهض للرأسمالية و الاحتكار، من خلال تعزيز التحالف الاجتماعي.


عن تشديد القمع والاستبداد

40. عززت جميع الحكومات في السنوات الأخيرة، الترسانة القانونية لتكثيف قمع النضالات الشعبية. و تمثلت تمظهراتها النموذجية في:

  •  قانون الحد من المظاهرات.
  •  القوانين المتعاقبة لحزبي سيريزا و الجمهورية الجديدة لتقييد الحق في الإضراب.
  •  قانون "الجرم الخصوصي" الذي يُجرِّم قيام التحركات ضد المزادات.
  • قوانين البيانات الشخصية، و ما شاكلها.

    هذا و جارٍ سلفاً هو إعداد ترتيبات جديدة للتدخل في المنظمات الجماهيرية من أجل ضرب العمل النقابي والحقوق النقابية، مع تعزيز الرقابة "الرقمية" للدولة وأرباب العمل.

    و يجري الترويج لكل هذا في ترابط مع الإجراءات - المستوحاة من الاتحاد الأوروبي - ضد ما يسمى بـ "الجذرية"، و التي تستهدف الصراع الجذري ضد الرأسمالية، و نشاط الأحزاب الشيوعية.

    يجب وضع الصراع النضال ضد قمع الدولة وإرهاب أرباب العمل واستبدادهم، وضد الهجمة الجارية على الحقوق الشعبية النقابية، وحقوق اللاجئين والمهاجرين في صدارة صراع الحركة العمالية و التحالف الاجتماعي، انطلاقاً من مواقع العمل. حيث بإمكان و من واجب كل عامل، وشخص تقدمي، وعالم، وفنان، و قانوني، و غيرهم المساهمة في هذا النضال.

    هذا و سيستند الدفاع عن الحقوق النقابية الشعبية على عدم الطاعة المنظمة للحركة الطبقية بهدف إلغاء القوانين الرجعية في الممارسة. ومع ذلك، فإن هذا النضال سوف يقوي بنحو رئيسي التوجه العام للصراع المناهض للرأسمالية والاحتكار، و إبراز الجوهر الطبقي للديمقراطية البرجوازية، ضد تلاوين المنطق التي تفصل القمع عن الطابع الرأسمالي الاستغلالي للدولة البرجوازية، وتعزز الثنائية القطبية الجوفاء (التقدم - المحافظة) و تُسهِّل الأوهام بشأن إدارة حكومة اشتراكية ديمقراطية مستقبلية.


    يقف الحزب الشيوعي اليوناني باتساق إلى جانب الشعب

    41. وقف الحزب الشيوعي اليوناني طوال السنوات الماضية باتساق إلى جانب الشعب في كل مشكلة صغيرة وكبيرة. و هو يكشف باستمرار عن المأزق و عن طابع جميع نسخ إدارة الحكومة البرجوازية المناهض للشعب، ويصطدم مع السياسات المناهضة للشعب التي تتبعها الأحزاب البرجوازية وحكوماتها، ودولتها وآلياتها، دون استثناء لإدارات البلديات والمحافظات.

    و بنحو كفاحي يدافع ممثلوه عن مصالح القوى العمالية الشعبية، أيضاً داخل البرلمانين اليوناني و الأوروبي وفي مجالس البلديات والمحافظات، و يتواجدون يومياً في شوارع النضال. و يكشف الحزب الشيوعي اليوناني عن الطابع الزائف لـ "وحدة الروح الوطنية" التي تتستر على التناقضات الطبقية التي لا هوادة فيها المتواجدة داخل المجتمع. و له جبهة لا تتزعزع ضد القومية البرجوازية والكوسموبوليتية البرجوازية، و ضد عنف الدولة وقمعها و سياسة تقييد الحقوق والحريات الديمقراطية الشعبية، و ضد الفاشية باعتبارها ربيبة أصيلة للرأسمالية.

    و إزاء المؤتمر اﻠ21 للحزب الشيوعي اليوناني، توجِّه اللجنة المركزية إلى الشعب والعمال و العاملين لحسابهم الخاص، و إلى الشباب والشابات، ونساء القوى الشعبية، دعوة واسعة لمواكبة كفاحية للحزب الشيوعي اليوناني ضمن النضالات اليومية و في الحركة العمالية الشعبية، و في جميع المعارك السياسية. و تتوجه إلى الجميع رجالاً و نساءاً ممن يعترفون بالحزب الشيوعي اليوناني كقوة ذات مصداقية و كفاحية من أجل مصالحهم، بمعزل النظر عن خيار تصويتهم جميعهم رجالاً و نساءاً حتى اليوم. و تتوجه إلى أعضاء الحزب و الشبيبة الشيوعية اليونانية و كوادرهما، ليتصدروا هذه المحاولة، و لمن أجل تعريف اﻷوسع بمواقف الحزب، و قيام خطى أكثر استقراراً في التعزيز المتعدد الأوجه و الشامل  للحزب الشيوعي اليوناني.

    سيتواجد الحزب الشيوعي اليوناني في النسق الأول، لكي تفضي النضالات اليومية إلى تعزيز الحركة العمالية ذات التوجه الطبقي، و إلى المشاركة الجماهيرية في النقابات العمالية، والحوامل الجماهيرية للعاملين لحسابهم الخاص والمزارعين، والحركة النسائية الجذرية، و حركات التلاميذ و الطلاب. و من أجل تعزيز العمل المشترك، والتحالف الاجتماعي في اتجاه مناهض للرأسمالية و الاحتكار، والصراع ضد المنظمات الإمبريالية لحلف شمال الأطلسي، والاتحاد الأوروبي، لفتح الطريق من أجل إسقاط الهمجية الرأسمالية. إن هذا المنظور لا يقوم بالقطيعة مع الصراع من أجل حل جميع مشاكل العمال والشعب، بل و يعزز هذا الصراع من أجل خلق الظروف لقيام حل فعلي لها. و أكثر من ذلك بكثير، حيث بإمكان زيادة إنتاجية العمل، وتطور التكنولوجيا والعلوم أن يؤمنا التحسين الجذري لحياة الشعب ومواجهة المشاكل الاجتماعية.

    و تُظهر كل التطورات بنحو أكبر أن تنظيم الاقتصاد على أساس معيار الربح الرأسمالي، و أن تواجد السلطة في أيدي أقلية اجتماعية، في أيدي ممثلي المجموعات الاحتكارية، هي عقبات أمام التقدم والرخاء الاجتماعيين. إنها تُظهر ضرورة الاشتراكية - الشيوعية، أي ضرورة سلطة العمال من أجل تأسيس الملكية الاجتماعية، والتخطيط العلمي المركزي للاقتصاد وجميع الخدمات، مع معيار حصري هو الإرضاء الموسع لجميع الحاجات الاجتماعية.

    29 كانون اﻷول\ديسمبر 2020

    اللجنة المركزية للحزب الشيوعي اليوناني